الاتجاه - متابعة 

بقلم: حسين شريعتمداري

شرع مجلس الشورى الاسلامي اول امس بالتحقق في صلاحية الوزراء المقترحين  لحكومة السيد رئيسي، وتناول النواب المؤيدون والرافضون بتقديم  وجهات نظهرهم، وهنا الكثير مما يقال نكتفي بعدة امثلة؛

1 ـ إن رئيس الجمهورية المحترم بذل مساعيه الحثيثة لتقديم اعضاء كابينته حتى يمكن القول ان هذا الحجم من التدقيق والتمحيص لاختبار الكابينة امر غير مسبوق.

فقد حشد خيارات مختلفة متعددة باعتماد  خبرة مجموعة من اصحاب الرأي المتجانسين، اذ بعد الاطمئنان من قدراتهم وتطابق رؤاهم مع القيم الاسلامية والثورية، سيتم ترشيحهم كوزراء للمجلس. فهذا القدر من التمحيص والتدقيق من قبل رئاسة الجمهورية المحترم في انتخاب الخيارات الموفقة يستحق منا كل تقدير واحترام. الا ان الامر لا ينتهي هنا فللحكاية فصول اخرى!

2 ـ ان البند السابع والثمانين، والثالث والثلاثين بعد المائة من الدستور اوكل الانتخاب النهائي للوزراء بما يبث فيه مجلس الشورى الاسلامي. وبعبارة اخرى فان الدستور قد فوض المجلس في هذه المرحلة بخصوص آلية انتخاب الوزراء مماهاة رئيس الجمهورية المنتخب بأبداء الرأي الحصيف والمشورة لرأب أي صدع أو سد أي ثلمة بشريطة ان لا تربك اساس ترجيح الاكفأ. وبذلك؛

الف: بالرغم من عدم وجود اي شك في مصداقية رئيس الجمهورية المحترم ورؤيته الشاملة للمشاكل العالقة وشفافية سجله الوضاء، الا ان الوزراء المقترحين يمثلون عصارة مساع وبذلك جهود تقييمية ـ مع عمقها ودقتها ـ لعدة من الاخوة المتجانسين فكريا مع سماحته، ورغم ان سيادة الرئيس قد اشرف على الفريق المقترح بامعان وافر ودقة وسداد ثم أبدى رأيه فيه، الا ان احتمال سريان هفوة هنا او هناك مستساغ في العمل، من هنا فان مراجعة سجل اعمال الوزراء المقترحين من قبل اعضاء مجلس الشورى وتوزين امكاناتهم في حمل المسؤولية التي تعهدت لهم ستكون عونا لسيادة الرئيس رئيسي في انتخاب الافضل.

لاسيما وان الغالبية العظمى من نواب المجلس يشاطرون السيد رئيسي في الوجه ويشاركوه الامال والآلام.

باء: جاء عن امير المؤمنين عليه السلام: "من شاور الرجال شاركها عقولها" وقال ايضا: "الاستشارة عين الهداية" من هنا يمكن القول ولابد منه ان رئيس الجمهورية قد استدعى خلال استحصال  ثقة النواب بوزرائه المقترحين، عقولهم وفطنتهم سدادا وان مراجعة اهلية اعضاء الكابينة، اضافة للفريق الاستشاري، ستقيم من زاوية اخرى.

3 ـ ان مادة البعض في الاعتراض او الملامة محصورة في علة انتخاب السيد رئيسي لاعضاء كابينته من بين الاشخاص الذين يوائمونه فكرا ورؤية لمطالع الامور! فنحاججهم وهل الامر غير ذلك تتوقعونه؟! فالحصافة والفكر الثاقب للسيد رئيسي تتلاقح وسجله النقي وما كان انتخاب الشعب له إلا على هذا الاساس. وعليه فان ملازمة سيادة الشعب واحترام اصواته تستتبع مواصلة هذا المشوار بانتخاب اعضاء كابينة من بين ما تماهت رؤاهم وخطاهم مسار رئيس الجمهورية وغير ذلك سيكون مظاهره لمطالب الشعب وعدم احترام آرائهم هذا اولا، وثانيا سيخلق عقبة في جادة سبق وان واعد الشعب بالولوج فيها.

اضافة لما اعلنه سماحة السيد رئيسي بصدق عدم تدخل العلاقات الحزبية والفئوية والعائلية و... في اختيار الوزراء المقترحين، وانما اعتماد الاهلية والثورية والسمة الجهادية في معالجة المشاكل.

ومما لابد ذكره ان تشكيل الكابينة ليست بمسابقة لكرة القدم يتطلب الخوض في المضمار حضور الخصم، كما ليس باضحية يقضم كل من هب ودب من لحمها! إن حكومة السيد رئيسي بما تسلمته من تركة متداعية الاطراف وتحملت ثقل المهام عليها ان تهيب بوضع الناس المعيشي ورقيهم العلمي والفني، معتمدة قدرات وامكانات وظروف البلد للنهوض بالعلاقات الخارجية باقتدار نابع من الحكمة والعزة والمصلحة. وليس من الحصافة بمكان ادراج من لا تجربة له لا سامح الله او في الاقل عديمي الانسجام في تشكيلتهم!

4 ـ ان المكسب الأوفر في الانتخابات الرئاسية لعام (1400 هـ ش) والتي عنونت باسم السيد رئيسي رئيساً للجمهورية، العودة بالمسار التنفيذي للبلد الى جادة الصواب، والوصول بحق (وليس كشعار لسيادة الشعب الدينية وبداية مرحلة جديدة من الازدهار تخوضها السلطة التنفيذية. وتغيير سكان الحكومة المتأثرة بالغرب  بعد تغيير مسار المجلس  العاشر (باكثريته المتأثرة بالغرب)، لاستعادة رؤوس الاموال المفقودة، وعودة الحكومة لسكتها بعد تعثر  على اطرافها.

ولنلتفت لنماذج من تحاليل سياسية يشوبها القلق انتابت اميركا وحلفائها بخصوص انتخاب السيد رئيسي لرئاسة الجمهورية. فكتبت صحيفة الغارديان البريطانية عن انتخاب رئيسي بقلق؛ "ان فوز رئيسي هيأ أرضية لاجماع داخلي حول اصلاحات اوسع مما جعل ايران في مكانة أقوى على نطاق الدبولماسية الدولية".

كما وارودت فايننشال تايمز في تحليل: "ان ابراهيم رئيسي وخلال عامي تصديه رئاسة السلطة القضائية سعى لارتهان المدراء وابناء المسؤولين الفاسدين بيد العدالة. فكانت مساجلة اكسبته شعبية ملفتة بين اوساط الشعب الذين اضناهم الفساد. فيقول رئيسي: ان بعض الساسة يعقدون اجتماعات ليستحصلوا اي الامور يمكن تقليدها من الغربيين. فلو كانوا قد عقدوا اجتماعاتهم داخل بلدهم حول كيفية تعزيز الانتاج ورفع عوائقها، لتوصلوا لحلول لكثير من المشاكل. كما ويحادث رئيسي فئات الشعب المختلفة ويزور المحافظات الفقيرة، رغم انتشار وباء كورونا، ليطلع عن قرب على معاناة الناس في هذه المدن.

لقد شدد رئيسي في وثيقة تطوير القضاء على اولويتين اساسيتين بمكافحة الفساد والاخذ بيد فاعلية النظام.. فالرئيس روحاني ومجموعته بعد ثمان سنوات من ادارة البلاد قد ادوا امتحانهم وبقي على رئيسي  ان يجذب الشعب لادارته".

وادلى مراسل قناة CNN دلوه قائلا: "ان رئيسي لا يتراجع امام اميركا ولا يقدم مكسبا آخر لها". و... وعشرات الامثلة الاخرى.

ان حكومة رئيسي تتحمل مسؤولية ثقيلة، ولذا ينبغي ان تتمتع كابينته باللياقة والامكانية اللازمة كي تواكب سماحته في العمل. وعلى هذا وان كانت النزاهة والتحصيل العلمي والشبابية ضرورية ولكنها لا تحل عقدة لوحدها. فوزراء السيد رئيسي اضافة الى الخصوصيات الآنفة الذكر، لابد ان يتمتعوا بخصوصية اخرى بان يرتفعوا عن تعلقات الدنيا كما هو خُلق رئيسي، ليواكبوه في المسيرة، ولا تقتصر فضاءات المسؤولية على اقطار طاولة الوزارة!

MY