ثمة من يدرس القضيّة الحسينيّة بعيدا عن إطارها التاريخي ، فيصدر أحكاماً مسبقة عنها ، والبعض من هؤلاء يتصوّر أن الحسين عليه السلام قام بخروجه على يزيد بمغامرة غير محسوبة النتائج ، وأن نهضته عبارة عن عمل انتحاري.
من هؤلاء محمّد الغزالي( وهوعالم ومفكر إسلامي مصري، يُعد أحد دعاة الفكر الإسلامي في العصر الحديث، عُرف بأسلوبه الأدبي في الكتابة واشتهر بلقب أديب الدعوة.) حيث ندد بنهضة الحسين عليه السلام ووصفها بأنّها « مجازفة لا أثر فيها لحسن السياسة ، وقد كان المتعيّن على الحسين ـ حسب ما يراه الغزالي ـ أن يبايع ليزيد ، ويخضع لقيادة هذا الخليع الماجن الذي لا يملك أيّة كفاءة لقيادة الأمّة » .
، وقع آخر أسرّ ضيق النَّظرة ، فق قال : « نجيء إلى الحسين لنقر ـ مع الأسف ـ أن تصرفاته كانت في بعض نواحي هذه المشكلة غير مقبولة ؛ هو أولاً لم يقبل نصح الناصحين وخاصّة عبد الله بن عباس ، واستبدّ رأيه ، وثانياً نسي أو تجاهل خلق أهل الكوفة وما فعلوه مع أبيه وأخيه ، وهو ثالثاً يخرج بنسائه وأطفاله كأنّه ذاهب إلى نزهة خلوية أو زيارة قريب ويعرف في الطريق غدر أهل الكوفة ، ومع هذا يواصل السير إليهم وينقاد لرأي بني عقيل ، ويذهب بجماعة من الأطفال والنساء وقليل من الرجال ليأخذ بثأر مسلم ، يالله قد تكون ولاية العهد ليزيد عملاً خاطئاً ، ولكن هل هذا هو الطريق لمحاربة الخطأ والعودة إلى الصواب » .
وفات هؤلاء الذين لم يخرجوا بوعيهم نحو رحاب البصيرة ، أنّ هذه النهضة يقودها إمام معصوم ، وهي مدروسة ومخطط لها وليس على نحو عَرَضي. صحيح أن الواقع الذي واجهه الحسين عليه السلام صعب ومعقد، ولكن الصحيح أيضاً أن قوى التغيير لا تعترف بالأمر الواقع. والحسين عليه السلام كان مصمّماً على التغيير مهما واجه من مخاطر، 
قال الحسين عليه السلام منذ البداية للناس وبدون أيّ لبس : « أيّها الناس ، إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : من رأى سلطاناً جائراً مستحلّاً لحرم الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنة رسول اللّه صلّى الله عليه وآله ، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول ، كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله. ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان ، وتركوا طاعة الرَّحمن ، وأظهروا الفساد ، وعطّلوا الحدود ، واستأثروا بالفيء ، أحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله ، وأنا أحق من غيّر .. ».
انطلاقاً من هذه المعطيات علينا أن ندرك بأن ثورة الحسين عليه السلام كانت أعظم وأقوى في دوافعها وأسبابها من أن يؤثّر في اندفاعها غدر الناس، أو أن يقف في طريقها خيانة الأعوان وانقلاب الأنصار.
 لقد صمّم الحسين عليه السلام من البداية على أن يمضي في نهضته وإن بقي وحده ؛ لأنّه إن كان يوجد في عهد معاوية ما يتطلّب السكوت عليه أو المهادنة معه ، فان عهد يزيد لم يكن يوجد فيه شيء من هذا مطلقاً. فقد بلغ السيل الزبا ، ولم يبق أمام الحسين عليه السلام مع يزيد إلّا طريق الصراع المسلّح حتّى النصر أو الاستشهاد.
"حقوق" ماضية على طريق الحسين عليه السلام مهما كانت النتائج، وهيمتأكدة من النتيجة بشكل حاسم ، مستندة الى أن الحق معها، وأنها تعمل من أجل إحقاق "الحقوق"..هي لا تطلب من المؤمنين أكثر من أن يعوا حقيقة أن معركة نيل "الحقوق" تحتاج الى بصيرة التمييز بين"الحق" والباطل..تلك البصيرة التي تمتع بها الحسين سيد الشهداء عليه السلام