الاتجاه/ متابعة 

علق اللواء سمير راغب، الخبير بالشؤون العسكرية بمصر، واللواء تامر الشهاوي، ضابط المخابرات الحربية المصرية السابق، على انتحار 3 ضباط في "الموساد" خلال عام، وشرحا أسباب الانتحار.

وقال اللواء سمير راغب، يعايش عنصر الأمن والاستخبارات في جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية "الموساد" وباقي الأجهزة الأمنية، الجانب السلبي من الحياة، في دولة تأسست على العدوان على أصحاب الأرض و جيرانها و صراعات الداخل والخارج، وهذا الخارج لا يقف عند حدود دول الجوار وجوار الجوار، ولكن يمتد إلى معظم دول العالم، هذا الجهد الاستخباراتي يقع على كاهل ضباط وعملاء "الموساد". عميل "الموساد" لا يتعامل مع جانب إيجابي في الحياة، ولا يشعر بأن ما يقوم به مشروع إنساني، أو أنه مرحلة عابرة تخص صراع سوف ينتهي، وخاصة أن عدو "الموساد" الأول وهدف عملياتهم هم الفلسطينيون، الذين لن يرحلوا، ولن ينتهوا، بل في خلال سنوات قليلة سوف تنتصر الديموغرافية للفلسطينيين ويصبحوا أغلبية في عدد السكان من النهر إلى البحر".

وأضاف راغب، "إذا فحالة المعاناة النفسية لدى ضابط "الموساد" غير محددة بزمن وغير محددة بمعايير أخلاقية أو إنسانية، الأمر الذي يؤدي إلى حالة من تناقض الإدراك، رجل "الموساد" هو إنسان من لحم ودم  له مشاعر وأحاسيس، بالتأكيد يعيش في ظروف غير طبيعية ويقوم بمهام غير طبيعية، وبلا شفقة أو إنسانية، بحكم تنفيذه الأوامر، لكن حالة التناقض بين ما يشعر به وما يقوم به، وحالة التناقض بين ضابط "الموساد" والإنسان في داخله، تؤدي إلى مرض نفسي قاتل، لأنه يصل لمرحلة عدم الاستعداد لتحمل ما يقوم به، بينما لا يستطيع التوقف عن القيام به لأن ذلك يعني نهاية حياته أو على الأقل نهاية وظيفته، هذا و بشكل محدد "تناقض إدراك".

وتابع راغب، "الجانب الآخر من الضغوط النفسية، أن ضغط العمل في الأغلب لا يؤدي إلى راحة أو تقدير معنوي، وخاصة أن الموساد اقترن بالعمليات الفاشلة، وغير المبررة وغير الأخلاقية، والذي يجعل ضابط "الموساد" يعاني تناقض إدراك آخر، وهو أنه يحصل من الدولة والمجتمع على أقل من ما يرى أنه يستحق، بينما لا يمكنه أيضا التوقف عن القيام بمهامة، رغم شعوره بفشل ما يقوم به".

وقال الخبير، إن "العمل المخابراتي هو جهد عقلي يعتمد على التركيز والتحليل والاستنباط وسرعة البديهة، فإن السلامة العقلية والنفسية هي أساس العمل الاستخباراتي، والتحدي الكبير أنه لا بد من تحصين الاتزان النفسي، بينما البوح بالإصابة بخلل نفسي يعرض صاحبه لفقد أهم خصائص العمل المخابراتي، الذي قد يؤدي إلى فقدان وظيفة المخابرات حال اكتشاف مرضه، فيفقد وظيفة مرموقة شكليا بالنسبة لرفاقه السابقين في الجيش الإسرائيلي".

وتابع راغب، "طبيعة العمل السري تمنع رجل المخابرات من الحديث عن ما يعانيه نفسيا خارج دائرة العمل أو داخلها، الأمر الذي يعرضه للكبت لكونه لا يستطيع أن يفضفض بكوامنه، كي لايكشف ضمن ما يبوح به، عن أسرار العمل المخابراتي السري، وحتى في حالة ضابط "الموساد" المنتحر "أيالون" الذي كان يذهب إلى طبيب نفسي مرة في الأسبوع على نفقته الخاصة ويمارس عمله، يكون العلاج غير مجد، أولا لأنه لا يستطيع الحديث بشفافية عن ما يعاني أثناء عمله من ضغوط أو مهام يقوم بها كقتل أو تعذيب أبرياء، أو حتى عن عمليات فاشلة تم تكديره بسببها، كذلك لا يمكنه اتباع التوصيات الطبية كالراحة أو تغيير ظروف العمل أو الروتين اليومي، كذلك لا يمكنه أتباع التوصية الطبية ببعض العقاقير الطبية التى تخفض قدرة التركيز أو المنومة، ..... الخ".

وأشار الخبير إلى أن حالات الانتحار سوف تستمر بين ضباط "الموساد" الإسرائيلي ولن يوقفها علاج، فالمرض في دولة الإحتلال و الموساد هو بيت الداء، وانتحار ضباط "الموساد" هو العرض لذاك المرض، فأصوات الضحايا من القتلى والمعتقلين والمعذبين، تطارد الجاني أينما ذهب، وتصبح عذابا مستمرا لا مفر منه إلا بالانتحار.