متابعة - الاتجاه

كيف صمدت الإنشاءات الرومانية أمام اختبار الزمن بهذا الشكل المذهل؟ سؤال حيّر العلماء طويلاً إلا أنّ باحثين اكتشفوا أخيراً سر طول عمر هذه التحف المعمارية المشيدة قبل حوالى ألفي عام.

الإنشاءات الرومانية، تحف معمارية مشيدة قبل حوالي ألفي عام صمدت أمام اختبار الزمن بشكل مذهل، الأمر الذي حير العلماء طويلاً. وأخيراً أعلن باحثون أنهم اكتشفوا سر طول عمر هذه الأنشاءات، وهو احتواؤها على خرسانة قادرة على إصلاح نفسها.

وفيما كانت قوة بناء الخرسانة الرومانية تُعزى إلى الرماد البركاني من منطقة خليج نابولي في إيطاليا ركز الباحثون هذه المرة انتباههم على وجود قطع صغيرة بيضاء لامعة متأتية من الجير.

وقال أدمير ماسيك وهو أستاذ جامعي ومشارك في إعداد الدراسة التي نشرت نتائجها مجلة 'ساينس أدفانسز':"منذ بدأت العمل على الخرسانة الرومانية كنت مفتوناً بوجود هذه القطع الصغيرة. هي غير موجودة في الخرسانة الحديثة فلماذا كانت موجودة في الهندسة القديمة؟".

واعتقد الخبراء سابقاً أن هذه القطع الصغيرة كانت نتيجة لسوء خلط لمزيج البناء أو لمواد خام رديئة الجودة. لكن من خلال فحص الخرسانة باستخدام تقنيات التصوير المتقدمة لجدار مدينة بريفيرنوم في إيطاليا، اكتشف الباحثون أن هذه القطع كانت في الواقع كربونات الكالسيوم وقد تشكلت في درجات حرارة مرتفعة جداً. وخلص الباحثون إلى أن الجير لم يتشكل كلياً أو جزئياً بالماء كما كان يُعتقد سابقاً، ولكن كان على شكل جير ساخن وهذا المزيج الساخن هو الذي يعطي الخرسانة صلابة مذهلة.

وقال أدمير ماسيك:"في الواقع، عندما تظهر الشقوق، فإن مياه الأمطار التي تلامس الخرسانة تُنتج محلولاً مشبّعاً بالكالسيوم، يتحول بعد ذلك إلى كربونات الكالسيوم، ما يجعل من الممكن ملء الشقوق".

وللتحقق من هذه الفرضية، صنع فريق العلماء عينات من الخرسانة باستخدام العملية نفسها وكسروها عمداً وسكبوا الماء عليها. وفي النتيجة؛ بعد أسبوعين تم إصلاح الخرسانة بالكامل. أما عينة أخرى تم إنتاجها من دون الجير الحي فظلت متصدعة. وفي المستقبل، يريد الباحثون محاولة تسويق هذه الخرسانة بالتركيب المعدل. ويأمل العلماء في أن يساعد اكتشافهم في تقليل التأثير البيئي والمناخي لإنتاج الخرسانة الذي يولّد انبعاثات كبيرة من غازات الدفيئة.