متابعة - الاتجاه
في المملكة المتحدة، قال خبير في الطب العام إن السعال الذي يستمر لفترة طويلة هذا الشتاء ربما يعزى إلى الإصابة بعدوى تلو الأخرى.
البروفيسورة كاميلا هوثورن، رئيسة "الكلية الملكية للأطباء العامين"، كشفت أن الأطباء لاحظوا أن الإصابات الحالية من التهابات الجهاز التنفسي تبقى لفترة أطول من المعتاد.
وقالت البروفيسورة هوثورن إن أرقاماً أصدرها "مركز البحوث والمراقبة" التابع لـ"الكلية الملكية للأطباء العامين" تظهر أن معدلات التهابات الجهاز التنفسي السفلي والعلوي أعلى بأشواط من المتوسط الذي نشهده عادة حتى هذه الفترة في الشتاء.
وتتكرر الأرقام نفسها في بيانات أسبوعية صادرة عن "وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة" UKHSA، كشفت عن معدلات عالية من إصابات الإنفلونزا الموسمية وغيره من فيروسات الجهاز التنفسي.
ونقلت "أسوشيتد برس" عن البروفيسورة هوثورن قولها إنه "ليس واضحاً لماذا يطول بعض التهابات الجهاز التنفسي الحالية أكثر من المعتاد، وقد لاحظ الأطباء والمرضى هذا الأمر، لكننا لسنا متأكدين تماماً من السبب وراء ذلك".
"كان معظم الناس معزولين اجتماعياً خلال فصلي الشتاء الماضيين، ويبدو أن هذا الإجراء أضعف قدرة جهازهم المناعي على مقاومة العدوى، ما يعزز تالياً احتمال تعرضهم لأشكال عدة من العدوى مقارنة مع السنوات السابقة"، أضافت البروفيسورة هوثورن.
وبناء عليه، كما توضح البروفيسورة هوثورن، "في بعض الحالات يتعلق [السعال المستمر] بالتقاط عدوى تلو أخرى. ولما كانت أشكال العدوى مختلفة الواحدة عن الأخرى، فإن التغلب على نوع معين منها لا يمنح مناعة ضد نوع آخر".
وتحث البروفيسورة هوثورن "المرضى على بذل ما في وسعهم للحفاظ على صحتهم جيداً هذا الشتاء، بما في ذلك اتباع إرشادات النظافة الصحية الجيدة مثل غسل اليدين بانتظام، أو استخدام معقم اليدين في حال تعذر ذلك، إضافة إلى رمي المناديل الورقية بمجرد استخدامها. "
ولحسن الحظ، "معظم المرضى الذين يعانون نوبات السعال والزكام يتعافون من دون الحاجة إلى رعاية طبية"، تشرح البروفيسورة هوثورن.
ولكن البروفيسورة هوثورن أوصت باللجوء إلى "الباراسيتامول" بانتظام عند ارتفاع درجة حرارة الجسم، والتهاب الحلق أو وجع الأذن، والحفاظ على الجسم دافئاً، والحصول على قسط كبير من الراحة، وشرب كثير من السوائل.
"لا بد من أن يعرف المرضى أن إعطاء المضادات الحيوية للعدوى الفيروسية لن يساعد في علاجها، لأنها لا تجدي نفعاً سوى في حالات العدوى البكتيرية"، تؤكد البروفيسورة هوثورن.
ومعلوم أن "معظم التهابات الجهاز التنفسي العلوي مردها إلى الفيروسات".
كذلك في مقدور الصيادلة، كما تكشف البروفيسور هوثورن، "تقديم المشورة بشأن الأدوية المناسبة التي لا تستلزم وصفة طبية والتي ربما تساعد في خفض حدة الأعراض، ولكن لا "تعالج" العدوى".
"إذا كان السعال متواصلاً، أو ظهر بلغم متغير اللون، وتفاقم بشدة مصحوباً بضيق في التنفس، أو إذا كان المريض يعاني ألماً في الصدر أو يفقد كيلوغرامات من وزنه من دون سبب واضح، فعليه أن يطلب استشارة طبية"، تنصح البروفيسورة هوثورن.
وذكرت البروفيسورة هوثورن أن الأطباء العامين وفرقهم يواجهون زيادة كبيرة في مواعيد المرضى، من بينهم المرضى الذين يكابدون مشكلات صحية جسدية واضطرابات عقلية ونفسية نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة في البلاد، لا سيما فواتير الطاقة والغذاء.
"ويبدو بديهياً أنه إذا كان المرضى يواجهون الأمرين من أجل تناول الطعام الصحي أو تدفئة منازلهم، أو إذا كانوا يعيشون في ظروف رطبة، ستطرح هذه المعاناة ضرراً على صحتهم، ولا شك في أن الضغط النفسي الإضافي الناجم عن الأزمة المالية سيؤثر في صحة الناس العقلية والنفسية"، قالت البروفيسورة هوثورن.
وحثت البروفيسورة حكومة بلادها على "إيجاد حل للنقص الحاد والمزمن في القوى العاملة في الطب العام" إلى جانب الحد من الروتين الإداري كي يتمكن الأطباء العامين من إعطاء المزيد من الوقت لمرضاهم.
الدكتور أندرو ويتامور، الطبيب العيادي في جمعية "الربو والرئة في المملكة المتحدة"، علماً أنه طبيب عام أيضاً، أخبر "أسوشيتد برس" أن "بعض الأطباء عاينوا عدداً أكبر من المرضى الذين يعانون سعالاً مستمراً هذا الشتاء، والذي ربما يكون مرتبطاً بتغيرات الطقس والطبيعة التي تتميز بها فيروسات معينة.
وأضاف الدكتور ويتامور "لم نشهد الكثير من إصابات "كوفيد"، ولكنه ما زال موجوداً. كذلك تواجهنا بكتيريا "المكورات العقدية من المجموعة أ"، إذ يزورنا عدد كبير من المرضى لأنهم يسعلون ولكنهم أيضاً يعانون التهاب الحلق، معظمهم من الأطفال، ولكن الكثير من البالغين أيضاً".
وأوضح الدكتور ويتامور أن "كوفيد" يؤثر في الناس بطرق عدة مختلفة، إذ يصاب البعض بتندب في الرئتين وتليف، ما يؤدي ربما إلى سعال طويل الأمد.
لذا يطلب الأطباء، وفق الدكتور ويتامور، "من أي شخص يعاني سعالاً مستمراً بعد أربعة أسابيع من إصابته بـ"كوفيد" الخضوع لفحوص الأشعة السينية للصدر".
وقال الدكتور ويتامور إن على كل شخص يكابد السعال لمدة تتراوح بين ثلاثة وأربعة أسابيع أو أكثر أن يلجأ إلى المساعدة أيضاً لاستبعاد معاناته أي أمراض أخرى.
هكذا، "تسمح لنا هذه الفحوص برصد سرطانات الرئة في حال وجودها، و"كوفيد الطويل الأجل"، وغيرهما"، تابع الدكتور ويتامور.
وأكد أن "السعال المستمر يستدعي فعلاً زيارة طبيب عام لأن الحالة ربما تتطلب الحضوع لأشعة سينية للصدر".
"في حالات كثيرة، نسمع بعض النصائح المطمئنة، من قبيل "في الواقع، يبدو أنك أصبت بفيروس أو عدوى فيروسية أخرى مضافة إلى العدوى الموجودة"، وفق الدكتور ويتامور.
ولكن، في رأيه، "أحياناً تحتاج هذه الحالات إلى علاج، وأحياناً أخرى إلى تشخيص، وأحياناً تكتشف أن أشخاصاً ربما يعانون الربو أو الانسداد الرئوي المزمن COPD، لأنهم يواجهون صفيراً في الصدر، ويكابدون صعوبة في التنفس، وضيقاً في الصدر .
"هكذا يمكننا تحديد الأشخاص الذين يعانون هذه الحالات الكامنة التي في مقدورها أن تفاقم مرضهم".
في ما يتعلق بأزمة تكلفة المعيشة، قال الدكتور ويتامور إنه بحسب "الأشخاص الذين يتصلون بخط المساعدة لدى "جمعية الربو والرئة في المملكة المتحدة" وبعض المرضى الذين عاينتهم في عياداتي الخاصة"، يتعين على هؤلاء الاختيار بين التدفئة أو تناول الطعام. ولا يستطيع آخرون تحمل تكاليف الوصفات الطبية".
"في بعض الحالات، لا يواظب المرضى على تناول الأدوية التي تحافظ على صحتهم، من بينها مثلاً، أجهزة الاستنشاق أو الأقراص لعلاج أمراض الرئة، ما يتركهم عرضة أكثر لخطر الإصابة بأعداد من الفيروسات خلال الشتاء، ومواجهة المزيد من أعراض الصدر.
"لذا نحث الناس على التأكد من أنهم يقومون بتدفئة منازلهم حتى حوالى 18 درجة مئوية أو أعلى، والتأكد من حصولهم على جميع الأدوية للحفاظ على صحتهم.
"أي شخص يواجه مشكلات صحية متصلة فعلاً، عليه الاتصال بخط المساعدة الخاص بجمعية "الربو والرئة في المملكة المتحدة". لدى الموظفين فيها بعض المعلومات والنصائح الجيدة بشأن حفاظ الناس على صحتهم حتى عندما يعانون مالياً"، ختم الدكتور ويتامور.