الاتجاه/ متابعة
رجح السياسي والاقتصادي اليهودي زلمان شوفال، نشوب حرب أهلية في الولايات المتحدة على أنقاض الديمقراطية، موضحا أنها ستكون على شكل انفجارات عنف وأعمال عصابات بين جماعات مسلحة من اليمين واليسار ومصدرها الانشقاق الآخذ في التطرف والنابع من مشاعر "الخيانة" في المجتمع الأميركي.
ويقول شوفال، "تُعرف الحرب الأهلية بشكل عام كحرب ينتمي فيها الطرفان المتخاصمان للشعب ذاته أو للكيان السياسي ذاته، وإذا ما حاكمنا الأمور وفقاً لكثرة المقالات والكتب والمدونات في أمريكا هذه الأيام، يمكن أخذ الانطباع بأن بلادهم بالفعل تقف أمام حرب أهلية – ليس بين مناطق منفصلة أو بين لابسي بزات مثلما كان قبل 160 سنة بين الشمال والجنوب، بل بشكل انفجارات عنف وأعمال عصابات بين جماعات مسلحة من اليمين واليسار مصدرها الانشقاق الآخذ في التطرف والنابع من مشاعر الخيانة في أجزاء من المجتمع الأمريكي ممن رأوا أنفسهم كمالكين "حقيقيين" لأمريكا، جراء فقدان مكانتهم العليا في مواجهة أجزاء أخرى من المجتمع. بعض الخبراء وإن اعتقدوا بأن اليسار لن يبدأ بمبادرته بالحرب الأهلية، فإن "تطرفه يخلق الظروف لتطرف اليمين". هذا ينطبق، بالمناسبة، على أمريكا وعلى أماكن أخرى، بما فيها إسرائيل".
ويضيف شوفال، أن ما أشعل الفتيل في أمريكا هو أحداث 6 كانون الثاني 2021 واقتحام مؤيدي ترامب لتلة الكابيتول. وسواء آمن المشاركون فيه بأنهم "سرقوا الانتخابات" أم أنها مجرد ذريعة، فقد أصبح هذا الهجوم تهديداً حقيقياً على الديمقراطية وعلى مستقبل الوحدة الأميركية، وشكل في الوقت نفسه تحذيراً لما من شأنه أن يحصل حول الانتخابات التالية في 2024.
وهكذا، مثلاً نشر في نهاية الأسبوع على الصفحة الأولى لـ "نيويورك تايمز" مقال جوناثان ستيفنسون وستيفان سيمون، الأكاديميين اللذين خدما في إدارات مختلفة، وادعى صراحة بأنه بعد الانتخابات التالية للرئاسة الأميركية قد تثور موجة عنف، وربما انفصال أجزاء عن الدولة، وهو يشبّه هذه الإمكانية بالتهديد إياه في حينه بالحرب النووية بين أميركا وروسيا.
ويؤكد شوفال، أن "هذه الآراء ليست من نصيب العموم، ويؤمن خبراء آخرون بأن كوابح الدستور والتقاليد الديمقراطية ستضمن وحدة الأمة واستقرارها، مثل البروفيسور جوش كيرتسر، رجل جامعة هارفرد الذي كتب بأن "قلة قليلة جداً من الخبراء في الحروب الأهلية يعتقدون بأن الولايات المتحدة على شفا حرب كهذه"، ولكن بالمقابل، تقف ثلة كاملة من الأكاديميين الآخرين، المعتبرين هم أيضاً، ممن يحذرون من المؤشرات في المجتمع الأمريكي التي تدل على أن الأسوأ قد يحصل. هكذا مثلاً، البروفيسورة بربارة وولتر من جامعة كاليفورنيا في سان ييغو، تحذر من أن الحروب الأهلية تندلع دوماً على نحو مفاجئ، ولا يتوقعها أحد. بروفيسور آخر، خبير في المواجهات العنيفة، يسمى هومر دكسون، كتب يقول، "في 2025 ستنهار الديمقراطية الأمريكية، ونتيجة لذلك ستنشب موجة من العنف المدني".
وفي الموقع الإخباري الشائع على الإنترنت "بوليتيكو" كتب "أناس جديون يتعاطون اليوم مع الحرب الأهلية ليس على سبيل التعبير المجازي، بل كسابقة حقيقية".
وكما أسلفنا، ليس كل المحللين والخبراء ومقرري الرأي في أمريكا يتشاركون في هذه التحذيرات المتطرفة التي تقترب أحياناً من الهستيريا، مثل دعوة كاتبي المقال إياه في "نيويورك تايمز" للشروع فوراً بألعاب الحرب ورشات عمل ومؤتمرات استباقاً لسيناريو الحرب الأهلية، والتمردات، والانسحابات وغيرها من انفجارات العنف"، ثمة أيضاً من يحذرون من التنبؤات التي قد تحقق ذاتها، بحسب تعبير الكاتب.
وثمة أيضاً زاوية يهودية، وذلك أيضاً على خلفية تعاظم اللاسامية، سواء من جانب اليمين المتطرف أم من جانب اليسار المتطرف، المناهض لإسرائيل وفي بعضه لاسامي، يمكن أن نرى تجسيد ذلك في ادعاءات اللاسامية لدى اليمين المتطرف بأن اليهود مذنبون –زعماً- بوباء كورونا أو كبديل، بأوامر الكمامات والتطعيمات غير الشعبية في اليمين الليبرالي. أما في الجانب اليساري فيتجسد ذلك في منع التطعيمات عن سكان إفريقيا أو عن قطاعات مظلومة أخرى من السكان.
ويشير الى أن أجراس التحذير ورنينها العالي مناورة تمويه مغرضة من اليسار ضد اليمين قبيل الانتخابات الوسطى التي ستعقد في تالي السنة والانتخابات التالية للرئاسة بعد سنتين؛ مناورة تستهدف عرض كل من هو على اليمين السياسي كمن يعرض الديمقراطية والقيم التي في أساسها للخطر.
ويؤكد الكاتب، أن الكونغرس يشهد الآن محاولات من الطرفين لتغيير قواعد الانتخابات، حتى أن الديمقراطيين يمسون بأنظمة التصويت في الكونغرس نفسه، إذا كان كل هذا يذكر بالمناورات التي جرت في إسرائيل في السنوات الأخيرة بهدف تصوير كاذب لليكود ورئيسه كتهديد على الديمقراطية، فهذه ليست صدفة.