الاتجاه - متابعة
ذكر تقريرٌ صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" أنّ عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم تجاوز 11300، وهو ما يزيد على مثلي العدد الذي أعلنته المنظمة الدولية للهجرة، الجمعة.
ونسب التقرير حصيلة هذه الأرقام إلى الهلال الأحمر الليبي، في حين أكّد متحدثٌ باسم الهلال الأحمر أنّ الأرقام تتغير، وأنّ منظمته غير مسؤولة عن هذه الأرقام.
مِن جهته، أوضح المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، إري كانيكو، إنّه من الصعب الحصول على أرقامٍ دقيقة للضحايا، خصوصاً مع استمرار البحث عن الجثث والناجين، مضيفاً أنّ "منظمة الصحة العالمية أكّدت حتى الآن 3922 حالة وفاة"، كما قال وزير الصحة في حكومة شرقي ليبيا، الأحد، إنّ "3283 شخصاً توفوا".
مخاوف تتزايد بعد الكارثة
تقول الأمم المتحدة إنّ أكثر من ألف شخصٍ دُفنوا في مقابر جماعية، لتحذّر جماعات الإغاثة من هذه الممارسة، مؤكّدةً خطورتها، كما أعلنت السلطات الليبية إصابة 150 شخصاً بالتسمم بسبب المياه الملوثة في المناطق المتضررة من الفيضانات.
بدوره، كان المركز التابع لحكومة الوحدة الوطنية الليبية، دعا السبت، إلى وجوب الاعتماد على مصادر أخرى غير الموجودة سابقاً لمياه الشرب، مُشدّداً على أنّ "مياه الشرب في درنة غير صالحة للاستهلاك"، حيث كشف ارتفاع عدد حالات التسمم بمياه الشرب في مدينة درنة، لافتاً إلى أنّ ذلك جاء نتيجةً اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي.
كما قرّر المركز إعلان حالة الطوارئ لمدة عامٍ كامل في المناطق المتضرّرة مِن جرّاء السيول والفيضانات شرقي البلاد، مُبيناً أنّ الإجراء يأتي "تحسباً لمنع تفشي أي مرض".
وتوجد مخاوف من أن يكون آلاف الأشخاص لقوا حتفهم بعد انهيار سدين في مدينة درنة، في العاشر من أيلول/سبتمبر الجاري، مما أدّى إلى انهيار مبانٍ سكنية كانت تصطف على جانبي مجرى نهرٍ عادةً ما يكون جافاً، بينما كان الناس نياماً، الأمر الذي يشير إليه جرف المياه لجثثٍ كثيرة في اتجاه البحر.
يُذكر أنّ جزءاً كبيراً مِن سكان مدينة درنة الناجين مِن الكارثة، والذين جرفت الفيضانات منازلهم، وجدوا أنفسهم محاصرين بين خيار البقاء في المدينة واحتمال إصابتهم بعدوى الأوبئة، أو الخروج منها عبر مناطق جرفت الفيضانات ألغاماً أرضية إليها.
ويُشار إلى أنّ المياه جرفت مناطق بأكملها في درنة، أو غطتها بالوحل، وهي المدينة التي يُقدّر عدد سكانها بنحو 120 ألف نسمةٍ على الأقل، حيث أفادت وسائل إعلامٍ رسمية ليبية أنّ ما لا يقل عن 891 بناية دُمّرت في المدينة، فيما قال رئيس بلدية درنة إنّ "20 ألف شخصٍ ربما يكونوا قد لقوا حتفهم مِن جرّاء هذه الكارثة".
القوات المسلحة اليونانية أعلنت أنّ ثلاثةً من أفراد فريقٍ إنقاذ يوناني لقوا حتفهم في حادث سيرٍ أثناء توجههم إلى درنة قادمين من مدينة بنغازي، فيما لا يزال اثنين في عداد المفقودين.
وكان وزير الصحة في حكومة شرقي ليبيا، قد ذكر في وقت سابقٍ الأحد، أنّ أربعةً من أفراد فريق الإنقاذ اليوناني لقوا حتفهم، بينما ما يزال سبعة أخرين في حالةٍ حرجة، إضافةً إلى وفاة ثلاثة أفرادٍ من عائلة ليبية، اثنان منهم في حالةٍ خطيرة.
جهود الإنقاذ وإزالة الأنقاض
في سياقٍ متصل، عرضت قناة "المسار" الليبية، لقطاتٍ لتجهيز مستشفى ميداني فرنسي في درنة، كما تواصل رفع حطام الأثاث والسيارات على الواجهة البحرية للمدينة، في محاولةٍ للعثور على ضحايا تحتها.
وفي مدينة البيضاء، وهي المنطقة السكنية الساحلية التي تقع غربي درنة، وضع أطباء حواجز موقتة في الشارع للحيلولة دون وصول مياه الفيضانات إلى مبنى مستشفى يعالج ضحايا الإعصار من درنة ومن المدينة نفسها، إلّا أنّ جهودهم في منع المياه مِن غمره لم تفلح.
وصرّح مدير المستشفى، عبد الرحيم مازق، أنّ ذلك "أثّر على الأجهزة والبنية التحتية للطابق السفلي من المستشفى".
كما وزّع متطوعون ملابس وأطعمة في مناطق أخرى من المدينة، حيث وصف محمد شاهين، وهو أحد المشرفين على المبادرة، أنّ الناس "تركوا منازلهم بدون أي شيء".
وأكّد متطوعٌ آخر أنّ الفريق جاء من مدينة العجيلات، الواقعة على بعد قرابة 1200 كيلومتر غربي ليبيا، والتي دخلت في صراعٍ سياسي متقطع مع شرقي ليبيا منذ أكثر من عقد، مضيفاً أنّ "الناس يأتون لمساعدة المتضررين".
وتعاني ليبيا التي يبلغ عدد سكانها قرابة سبعة ملايين نسمة، مِن عدم وجود حكومةٍ مركزية قويّة، وذلك منذ الاحتجاجات التي دعمها حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وأطاحت بالزعيم الليبي، معمر القذافي، في عام 2011.
وفي ذات السياق، قال محللون إنّ الكارثة "أدّت إلى قدرٍ من التنسيق بين الحكومة المدعومة دولياً في طرابلس، غربي البلاد، والإدارة المنافسة لها في بنغازي في الشرق"، مرجحين أن "تُعيد جهود إعادة الإعمار الخلافات بين الجانبين".