الاتجاه - متابعة

بعث رئيس هيئة الاركان العامة للقوات المسلحة الايرانية "اللواء محمد باقري" رسالة تهئنة بمناسبة حلول اسبوع الدفاع المقدس واليوم العالمي للسلام اشاد فيها المقاومة والصمود والبسالة للشعب الايراني إبان حرب الثماني سنوات المفروضة والتي فرضها الاستكبار العالمي على ايران.

وقال اللواء باقري في الرسالة مع انتصار الثورة الاسلامية وتحدي الجمهورية الاسلامية الايرانية للنظام الدولي للقوى الاستكبارية والاستعمارية في العالم وكذلك العلاقات غير العادلة التي سادت العالم، قام نظام الهيمنة والاستكبار ومن خلال تحالف واسع وشامل، بتحريض وتحفيز صدام والنظام البعثي الذي حكم العراق آنذاك، لإشعال نار الحرب المفروضة وشن العدوان واحتلال أجزاء واسعة من الوطن الاسلامي.

واضاف إن هذه المؤامرة العالمية التي حيكت بهدف القضاء على الثورة وإبادة الجمهورية الاسلامية الايرانية، باءت بالفشل بعد اصطدامها بصخرة مقاومة الشعب وصموده وبسالة مقاتلي الاسلام وخلقهم الملاحم الصانعة للتاريخ، وأن هذا التهديد الضخم تحول من خلال معادلة عكسية وعلى النقيض من إرادة القوى العظمى الشرقية والغربية، إلى عامل للمزيد من ترسيخ وتعزيز أسس الثورة الاسلامية في ايران وبسط ونفوذ خطابها في أقاصي العالم.

واكد بعد مضي نحو أربعة عقود على الحرب المفروضة التي استمرت ثماني سنوات ضد ايران الحبيبة، يمكن القول بصراحة وثقة أن مصدر العديد من الانتصارات الباهرة والتقدم الذي لا يمكن إنكاره وفي الوقت ذاته عامل الردع خلال هذه الفترة من الدفاع المقدس، يضرب بجذوره في ثقافتها.

وصرح ان الدفاع المقدس يمثل في الوقت ذاته رمز بقاء ودوام الثورة وعالميتها وكنزا ثمينا وثروة وطنية للايرانيين لاكتشاف السبل والمسؤوليات الجسيمة للنهوض بالعزة والكرامة والتقدم والمضي قدما بالوطن الاسلامي إلى الأمام والتحرك نحو القمم الرفيعة للاقتدار والمكانة العالمية.

وقال إن الدور الذي يستحق الثناء والملموس لتاريخ وثقافة الدفاع المقدس في بناء القدرات والطاقات الرادعة للبلاد، ساهم في تخليد هذه المعجزة الهائلة في أذهان وواقع حياة جميع أفراد المجتمع.

وتابع إن الدفاع المقدس وطاقات المقاومة وصبر وثبات الشعب في التصدي لمؤامرات ومكائد الأعداء، يعد من مكونات القدرة الوطنية والأركان الرادعة لايران الاسلامية، والذي استطاع بوصفه رمزا للانتصار والاقتدار الوطني، تحويل زيادة العمق الاستراتيجي للثورة ونشأة جيوسياسية المقاومة في منطقة غرب اسيا إلى حقيقة مؤكدة، بحيث أن أي أجنبي وعميل للأجنبي، لا يفكر إطلاقا في الاعتداء على حدود هوية وتراب ايران والايرانيين.

وشدد إن تقارن اليوم العالمي للسلام (21 سبتمبر) مع مطلع تكريم ملحمة الدفاع المقدس للشعب الايراني (22 سبتمبر) يمثل ظاهرة ذات مغزى يمكن لها أن ترشدنا إلى الحقائق والضرورات التاريخية.

وجاء في الرسالة بينما يشير السلام إلى انعدام الحرب والعنف واحترام الحقوق المتبادلة للشعوب في إطار ميثاق الأمم المتحدة، فان امريكا والكيان الصهيوني ومواكبيهم والمتحالفين معهم اقليميا وعالميا في الخطاب والعمليات الزائفة والخادعة، عرضوا أنفسهم على أنهم المدافعين الأشداء عن الانسانية وكأنهم هم الذين ينادون حقيقة بالسلام!! في حين أنهم كانوا من خلال إملاء تعريف خاص عن السلام للعالم، السبب في اندلاع الحروب والتوترات العسكرية وفرض التدهور الأمني والتشرد والنزوح والتعاسة لشعوب غرب اسيا لا سيما في العقود الاخيرة.

إن سيرك المنادين بالسلام الغربيين – الصهاينة وأداء أمريكا الإجرامي في أقاصي العالم يرسم عمق كارثة تهديد السلام، بينما لا يحمل الاستثمار والتمويل العسكريين للقوى العالمية، أي أثر وإرهاصات عن الدعوة والمناداة للسلام في العالم.

إن إلقاء نظرة على حرب اليمن والجرائم التي ارتكبت ضد الشعب اليمني المظلوم والشجاع تظهر حقيقة أنه بغض النظر عن شعار الدعوة للسلام الغربي، فان جزء كبيرا من الأسلحة والمعدات العسكرية التي تستخدمها السعودية والتحالف المجرم ضد الشعب اليمني يتم توفيره من قبل أقطاب ما تسمى البلدان الداعية للسلام والمحبة للبشرية لاسيما أمريكا.

وفي هذا الخضم، وتأسيا واتباعا لدبلوماسية قائد الثورة الاسلامية (مد ظله العالي) المتمركزة حول الفطرة والوجدان، في التعامل مع الشبان الغربيين، فان لنا كلاما وحديثا مع الجنود والعسكريين من ذوي الفكر الحر لجيش الولايات المتحدة الامريكية - الذي يشكل سبب الحروب والتدهور الأمني وزعيم الجبهة المناهضة للسلام على الساحة الدولية - وأطرح ذلك معهم من خلال تساؤل:

هل فكرتم حقا بهذا السؤال يوما وهو عمّ يبحث الجيش الامريكي وهو بعيد بآلاف الكيلومترات عن أرضه وبلاده، وعن طريق إشعال نار الحروب والاحتلال في البلدان الاخرى؟

وهل أن وجوده في الدول الخاضعة للاحتلال والحرب بما فيها العراق وأفغانستان و... جلب حقا السلام والأمن والاستقرار لها؟

وهل يجب التصديق حقا بان الانسحاب على عجل من القواعد العسكرية الرئيسية في أفغانستان تم من أجل السلام والاستقرار والديمقراطية في هذا البلد؟ ويكفي أن نلقي نظرة على ما تمر به هذه البلاد في هذه الأيام!!

ويجب التفكير قليلا بالحقائق والأحداث التي يمر بها اليمن هذه الأيام لكي نرى ماذا جلب دعم ومواكبة الجيش الامريكي للتحالف السعودي، من كوارث للشعب اليمني المظلوم والأعزل.

لا تسمحوا لحكام الحكومة الامريكية عديمي العقل والحكمة والمجرمين الإرهابيين ومصاصي الدماء القابعين في غرف القيادة لهذا الجيش أن يقوموا من خلال تجميل وجوههم البشعة والكريهة، بإبعادكم عن الحقائق والوقائع الدولية وتحويلكم إلى أدوات مسخرة لسياساتهم السلطوية والمثيرة للحرب!

إنهم يحاولون تخويفكم وترويعكم وجعلكم تنفرون عن أي تفكير وتأويل حول بعض القضايا والحقائق المريرة الجلية وغير القابلة للإنكار في العالم والتي هي حصيلة تصميم وتخطيط اللوبي الصهيوني.

إن المنطق السليم يحتم علينا أن نبحث ونفكر في قائمة الظلم والجرائم والحروب والعنف والانفلات الأمني وتشريد مئات ألوف الناس في أرجاء العالم والذي يحبون الحياة والعيش بعزة وأمن وهدوء لكنهم يحرمون منها، والحكم على ذلك من منطلق الفطرة والضمير.

إني على ثقة بأن ذهنكم الباحث عن الحقيقة والمتلهف لها، قادر على إيجاد أجوبة شجاعة وتتسم بالمسؤولية لهذه التساؤلات وعندها يضطلع بدوره تجاهها.

إن السلام المستديم والدائم، قابل للتحقق والوصول إليه شريطة أن تتم متابعته في ظل العدالة وبمنأى عن دائرة هيمنة وسلطة وخطاب الامريكيين.

ومن وجهة نظر الجمهورية الاسلامية الايرانية، فان السلام العادل الذي يجلب ويُرسي السلام الحقيقي والصداقة الراسخة، هو ذات الخطاب الذي تصرح به جميع الديانات الإلهية وأن إيران الاسلامية تدعو دائما إليه وتعتبره الحلقة المفقودة في عالم اليوم.

وفي هذا الخضم، فان ما يبعث على الأمل، هو اتضاح أغراض وأطماع التيارات الاستعمارية الحديثة لامريكا والغرب تجاه شعوب العالم التي تعمل على العودة إلى الفطرة السليمة وهويتها الحقيقية.

وفي الأيام التي يتم فيها تكريم وتبجيل الدفاع المقدس والمقاومة الكبيرة للشعب الايراني في مواجهة الاستكبار والهيمنة العالمية، من قبل جميع دعاة الحق والباحثين عن السلام الحقيقي في العالم، وإذ نؤكد على صيانة وحماية جوهر السلام والعدالة والكرامة الانسانية على امتداد جغرافيا العالم، نعلن:

إن هناك في تاريخ الشعوب، نماذج كثيرة عن نضال الحق ضد العدوان وغياب العدل، ونظرا إلى اهمية تلك الثقافة الدفاعية ومن خلال الإفادة من تاريخ الجمهورية الاسلامية الايرانية المناهض للاستعمار والاستلهام من الثماني سنوات من الدفاع المقدس، نعتبر أن ذلك يضع حقائق يُعتد بها بين يدي طلاب ودعاة التحرر والحرية في العالم، يمكن أن تكون محط اهتمام جاد من أجل المضي قدما بالاهداف الداعية للسلام، وهذه حقيقة مؤكدة ومسلم بها من أن العقيدة الدفاعية الايرانية وتأسيا بالرسالة الإلهية لنبي الرحمة النبي محمد (ص) وتأسيسا على الآية الكريمة: "وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ" هي داعمة للمستضعفين والمضطهدين في العالم وعدوة للظالمين والمعتدين.

وفي الختام، نكرّم ونقدّر الذكرى والتطلعات والأهداف السامية والملهمة للإمام العظيم الراحل (رض) والشهداء الخالدين لثماني سنوات من الدفاع المقدس والشهداء المدافعين عن مراقد أهل البيت (ع) لاسيما زعيم القلوب الفريق أول حرس ثوري الشهيد الحاج قاسم سليماني وأمير القلوب الفريق أول الشهيد علي صياد شيرازي واللذين وضعا أرواحهما على كفيهما من أجل إرساء وترسيخ الأمن والاستقرار والشموخ والرفعة والسمو للشعب الايراني. وإذ نؤكد على الجهوزية الشاملة للقوات المسلحة القوية للبلاد للتصدي بحزم لأي نوع من التهديدات التي تستهدف استقلال البلاد ووحدة أراضيها وأمنها وإنجازات الثورة والنظام المقدس للجمهورية الاسلامية الايرانية، نسأل الباري عز وجل أن يجعلنا نسير على خطى ونهج مقام الولاية المعظم والقائد العام للقوات المسلحة الإمام الخامنئي (مد ظله العالي)، ونثمن ونقدر أولئك حق قدرهم ونصون ونحرس حرمة دمائهم وهدفهم المقدس.

MY