الاتجاه - متابعة 

بقلم: حسن شريعتمداري

1 ـ بعد اغتيال "ناصر الدين شاه" من قبل "ميرزا رضا كرماني" عام 1896م في حرم السيد عبدالعظيم الحسني، ومقتل رابع شاه من السلسلة القاجارية، قام المستشار "ميرزا علي اصغر خان اتابك (امين السلطان)"، ولاجل الحؤول دون وقوع ثورة وحصول احداث لا يحمد عقباها، باجلاس جثة ناصر الدين شاه بشكل وكأنه حي مازال مستقرا في عربته الملكية، فيما جلس هو خلفه، ماداً يده في كم ناصر الدين ملوحاً، للمارة، ليتمكن من نقل الجثة الى طهران المركز و...

2 ـ وبالامس اعلن "روبرت مالي" المبعوث الاميركي الخاص الى ايران؛ "لا يمكننا الانتظار الى الابد بينما تواصل ايران تقدمها النووي لان تقدمها في مرحلة ما سيجعل العودة الى الاتفاق النووي اقل قيمة بكثير للولايات المتحدة". وخلال تصريح لوكالة بلومبرغ يقول مالي؛ "ان اميركا والترويكا الاوروبية (فرنسا وبريطانيا والمانيا) ابدوا الاستعداد للتحلي بالصبر"!

وقبل ايام كتبت "لورا روزن" المراسلة الاميركية في منشور "ديبلوماتيك" نقلا عن دبلوماسي اميركي رفيع لم تشأ ذكر اسمه؛ "مازلنا ننتظر رد ايران حول توقيت استئناف  المفاوضات لاحياء خطة العمل المشتركة. فنحن مستعدون لايجاد سبيل لرفع العقوبات المخالفة لخطة العمل المتشتركة وعلهيا ان تتراجع عن الاجراءات النووية المخالفة لخطة العمل المشتركة..

نعم نحن مستعدون للمضي بالمفاوضات بهذه الروحية والرؤية والسعي للوصول الى نتائج بسرعة لنقلب صفحة جديدة. وعلى الايرانيين ان يقرروا هل هم كذلك ملتزمون بهذا الامر ام لا، وفي غير ذلك فنحن مضطرون لسلوك مسار آخر".

3 ـ واثر نشر هذا التقرير انبرت الصحف الصفراء ـ التي وكما اقرت به كانت تتبنى التطبيل لخطة العمل المشتركة ! ـ بالتصفير والتصفيق، بان ايها القوم ما يعني تقاعسكم فاميركا تنتظر عودة ايران للمفاوضات في فيينا كي ترفع العقوبات! وتغافلت هذه الصحف عن ان اميركا التي لم تلتزم بتعهداتها وحين شاهدت الدبلوماسية المنفعلة لادارة روحاني، خرجت من الاتفاق النووي طمعا باضافة عدة بنود ابتزازية لخطة العمل المشتركة (بالطبع بعد ان اعطى روحاني ضمانة ـ حسب موغريني ـ بعدم الخروج من الاتفاق النووي)، فيما الترويكا الاوروبية تنصلت عن التزاماتها حيال خطة العمل المشتركة و...

وتشكل المجلس الحادي عشر بغالبية النواب الثوريين ليلجم استرسال  الحكومة بتقديم التنازلات باستصداره المبادرة  الاستراتيجية لالغاء العقوبات وحفظ حقوق الشعب الايراني. والمستلة  من توجيهات سماحة قائد الثورة المعظم. مما دفع (المجلس) بالحكومة لتقليل  التزاماتها حيال بنود خطة العمل المشتركة ردا على عدم التزام اميركا بتعهداتها حيال الاتفاق، وبالتالي ان توقف الحكومة تنفيذ بنود الاتفاق النووي.

هذه الآلية التي فعلها المجلس الحادي عشر دفعت اميركا للمطالبة بالعودة الى خطة العمل المشتركة بعد ان رأت انها مكتوفة اليدين ولكن بقيت تتملص من الغاء العقوبات مكتفية بالغاء العقوبات التي وضعها ترامب.

في الوقت الذي كانت مطالب ايران كالآتي؛

اولاً ـ الغاء جميع العقوبات

ثانيا ـ التأكد من مصداقية هذا الاجراء (اي الغاء جميع العقوبات)، وفي هذه الحالة توافق طهران على عودة اميركا للاتفاق النووي.

4 ـ وهكذا بات واضحا مدى صدق الجمهورية الاسلامية الايرانية في مواقفها، وخلوها من اي عقدة قانونية ومنطقية.

من هنا فان تصريحات روبرت مالي وكذلك الدبلوماسي الاميركي الرفيع والتي لم تشأ المراسلة "لورا روزن" الافصاح عن اسمه (1) لا ترقى الى المصداقية وانما هي خدعة اعلامية مفضوحة المحاور. فهما بصدد بيان عجز الحكومة الاميركية ولكن في اطار "اقتراح جديد"! والذي نامله وهو حقيقة وليست تمنيات اذا التفتنا الى المنظومة الثورية لادارة السيد رئيسي، بان لا تقبل بعودة اميركا لخطة العمل المشتركة الا بالغاء جميع العقوبات ـ بعد اختبار مصداقيتها ـ وهي روؤية اعلنها بشكل جدي وزير  الخارجية السيد "حسين امير عبداللهيان" حين قال: "نقبل بمفاوضات تفضي الى رفع جيمع العقوبات بشكل حقيقي وضمان حقوق ايران" ... اذا ان الغاء  جميع العقوبات هو حق قانوني ومنطقي ننادي به.

5 ـ الا ان المقطع النهائي لتصريحات "روبرت مالي" والدبلوماسي الاميركي الرفيع قبل ان يكون مستغربا، يبعث على السخرية! فحين أراد "روبرت مالي" توجيه تهديد لايران بشكل تلويحي، قائلا: "الى متى ستبقى واشنطن تنتظر لحوق طهران بالمفاوضات النووية"! او تصريحات الدبلوماسي الاميركي الرفيع الذي قال:"على الايرانيين ان يقرروا هل هم ملتزمون بهذا الامر ام لا، وبغير ذلك سنضطر لاختيار مسلك آخر"! ولم يبينا ما يقصد  بالخيار بقولهما اتخاذ اجراء بعد ان "ينفد الصبر"! واتخاذ "مسلك آخر"! ؟ والخيار الذي يتخذ على الطاولة ضد ايران (بعد عقدين من التهديد بتنفيذ الخيار الذي على الطاولة!) وعن  اي نموذج يتحدثون؟! النموذج السوري؟ ام اللبناني؟ ام العراقي؟ ام اليمني؟ او النموذج الاخير في افغانستان؟! فجميع هذه النماذج ووجهت بالفشل المتسلسل والفاضح لاميركا. مع العلم ان اميركا في جميع هذه الحالات قد تقابلت مع رؤوس انامل ايران الاسلامية، ومع ذلك فشلت و...

ومن دون تطبيق المثال وبعيدا عن "ميرزا علي اصغر خان اتابك"، فانه يعتبر على كل حال مسلما ايرانيا، ينبغي القول: ان تخرصات روبرت مالي وذلك الدبلوماسي الاميركي الرفيع حول قدرات اميركا  تذكرنا بيد ميرزا علي اصغر خان اتابك  التي خرجت من كم يد ناصر الدين شاه كي يموه الجمهور ان الشاه مازال حيا !.

المصدر: كيهان

MY