الاتجاه - متابعة 

بهزيمة اميركا المدوية والمذلة والفاضحة بامتياز من افغانستان يكون قد اقتنعت واشنطن بانها تسدل الستار  على آخر حروبها وان قوتها العسكرية اصبحت خارج الخدمة لعدم فعاليتها وعجزها عن تطويع الشعوب واخضاعها لارادتها لان كلمة القوى العظمى والقوة الاوحد او شرطي العالم قد اكل الدهر عليه وشرب ولم يعد احدا في المعمورة يولي اهمية لهذه القوة المهزومة والمنحدرة نحو الافول سوى العربان المنبطحين الذين لا قرار لهم ولا  كالغريق الذي يتشبث بالعشب.

وما ان امتدت النيران الافغانية لتحرق ذيول القوات الاميركية الهاربة من افغانستان حتى اعلن قائد انتصارات تموز المجيدة العلامة نصرا لله ابحار سفينة النصر من ايران باتجاه لبنان بهدف انتشاله من محنته وتخفيف العذاب عن شعبه الذي حوصر من قبل اميركا بل وعملت على تجويعه ومضايقته بكل السبل وسط انظار العالم وتفرجه دون ان يحرك ساكنا.

واشنطن وادواتها في الداخل اللبناني وحتى الصهاينة لم يتوقعوا هذه الصدمة وهذه الجرأة ليترجم نصر الله الاقوال الى افعال ويربك حساباتهم ليسارعوا باتخاذ خطوات تفدح بقراراتهم وبقوانينهم من خلال كسر الحصار عن لبنان وسوريا عبر شطب قانون "قيصر" الذي فرضوه على لبنان وسوريا.

ان تتزامن هزيمتان مدويتان لاميركا احدها عسكرية في افغانستان والثانية اقتصادية في لبنان تؤكد بان اميركا اصبحت في خبر كان ولم يعد احدا يهتم بها الا من اجر عقله. فالادوات وجمهورهم الغافل في لبنان يتساءلون اليوم اين نحن من الشعب اللبناني الذي يقف بكل اطيافه وشرائحه الشريفة خلف المقاومة على انها البوابة لحل كافة مشاكل الشعب التي يقف وراءها تقاعس كل الحكومات السابقة والفاسدين من ذيول اميركا.

وقد ثبت بالدليل القاطع بانه اين ما تواجدت اميركا وادواتها حل الفساد والدمار والخراب ولابد من تحرك وطني واع للشعوب كي تقطع الطريق على الوجود الاميركي ليرحل وترحل معه الادوات، الا ان الذي شاهدناه في مطار كابول كان مدهشا ومخيبا لكل الادوات اينما وجدوا حيث فضل الاميركان وغيرهم من قوات الناتو حمل الكلاب والمشروبات على عملائهم الذين تركوهم على ارض المطار كاليتامى.

طالبان التي فرضت هيمنتها بالقوة على افغانستان وعبر مساعدات الاجندة الاستخبارية الباكستانية حتى على اجزاء هامة من ولاية بنجشير وان لم تسيطر عليها بالكامل،هي اليوم تواجه ازمات كبيرة ومنها ازمة الشرعية المدخل الاساس للتعامل مع دول العالم وخاصة  دول الجوار المنفذ الوحيد للتواصل التجاري والاقتصادي مع سائر انحاء العالم.

وما لم تتضح الصورة في كابل بداية بتشكيل حكومة شاملة تشترك فيها جميع الاقوام الافغانية وهكذا بالنسبة لـ نموذج معين وسياستها الداخلية والخارجية وبرنامجها القادم لنمط الحكم هل سيكون منبثقا من ارادة الشعب الافغاني وشرائحه عبر صناديق الاقتراع اما سيفرض عليه نمط معين ومنتقى باسم الدين يرفضه اكثر المسلمون، لذلك ستبقى كل الاحتمالات مفتوحه ويلفها نوعا من الغموض لان فرض انموذج معين بالحديد والنار لم تجلب الامن والاستقرار والوئام بين مختلف شرائح ابناء الشعب لان السبيل الوحيد لاستقرار افغانستان والتعايش السلمي بين ابنائه هو الوفاق والاتفاق للتوصل الى حل شامل ودائم يحفظ حقوق شرائح الشعب الافغاني بكافة قومياته ومذاهبه وطوائفه خاصة وامام طالبان تجربة دموية ومريرة عاشتها قبل عقدين وكم كلفتها؟! وكم كلفت افغانستان وشعبها من ويلات وكوارث وما زالت تدفع ثمنها حتى اليوم.

لذلك كفى تقتيلا وتدميرا! لقد انتهى عصر البطش والظلام وسوق الشعوب بالقوة. فالشعوب التي لم ولن ترضخ بعد اليوم لمنطق القوة والاستبداد. انها تعيش عصر الانتصارات التي يقودها محور المقاومة امام الهزائم المتلاحقة لمحور الشر الاميركي وادواته.

المصدر: كيهان

MY