الاتجاه - مقالات
بقلم: زهير الفتلاوي
تواجه الطفولة بالعراق القتل والدمار أشبه بالإبادة الجماعية ولا من مغيث وبدون استجابة من الجهات الحكومية المعنية بهذا المجال . على الرغم من وجود الامكانيات المادية والبشرية الا أن الطفولة في بلاد الخيرات ضائعة وتواجه اقسى حالات العوز والحرمان والاتجار بالبشر امام اعين وزير الداخلية وامام انظار رئيس الوزراء من حيث التسول والاستغلال الجنسي والمتاجرة بهم في الشوارع والطرقات وهم يشحذون امام الآلاف من المركبات يوميا وفي ضل الأجواء القاسية من الحرارة وبرودة الجو وحتى امام القصور
الحكومية والابنية الوزارية ومنها مقر وزارة التخطيط وأمام بناية رئيس الوزراء ورئيس البرلمان وكل المسؤولين يرونهم ويغلسون ولا يعيرون أهمية لهذا الموضوع الإنساني والوجداني. الصورة التي لم تفارق من يراها لا تنفك تلاحقه في الشارع ، في العمل ، في المنزل سيارة البلديات التي تظهر ملامحها للعيان وهي تقترب من تلك الأكوام الكبيرة التي شكلت أهراما ملونة بما تكونت منه وما يبحث عنه الأطفال هي علب بلاستيكية أو أخرى معدنية لأخذها حملا على الأكتاف التي ما زالت يافعة وهشة ما يدفع البعض إلى سحبها على الأرض فلا يستطع الطفل الذي لم يبلغ الأربع سنوات على حمل كيس مملوء بعلب البيبسي ( القواطي ان مهنة جمع النفايات التي يتنافس عليها بعض الفقراء تعد مهنة معروفة وطبيعية لدى أغلبية العراقيين نتيجة الحروب التي مرت والتي بلغت الرقم القياسي دون غيرها من الدول إضافة إلى الحصار الاقتصادي الذي فرضته دولا تدافع عن حقوق الإنسان ونسيت إن في العراق إنسانية بحاجة إلى من يدافع عن حقوقها ومن بين هذا الشعب أطفالا صغار ورضع . ان امتهان جمع النفايات لم يصبح حكرا على الأطفال فحسب بل انه توسع ليشمل النساء كونهن المكون الأساس للمجتمع فمن فقدت زوجها كيف لها أن تعيل أطفالها وتحافظ على شرفها وعفتها في آن واحد . إن الأنثى الرقيقة الحساسة لا تقوى على صراع القدر والظروف القاهرة بعد أن فقدت معيلها الذي اعتادت على نخوته وشهامته وهو من كان قد جعلها أميرة ليوفر لها ما تحتاجه وأطفاله ولكن حين يغيب ذلك شهم من أين للزوجة والأطفال لقمة يهنئون بها .
الان بدأ العام الدراسي الجديد والاسعار مشتعلة ووزارة التربية لم توفر المستلزمات المدرسية الملابس والقرطاسية والنقل وبقية التجهيزات المدرسية تسرق من مخازن وزارة التربية وتباع بالأسواق وفي كل سنة تتكررنفس المأساة ولا حلول منطقية لأنصاف الطبقة الفقيرة المسحوقة و المعوزة فقط الاهتمام بمدارس القطاع الخاص والحكومي مهمل ومتروك ويحلبون التلاميذ بحجة التبرعات وتلك المبالغ تذهب أغلبها الى جيوب الادارة الفاسدة والمستغلة لهذا الامر ووزير التربية يغط في نومه العميق ولا يعير اهمية فقط يفكر بالعقود وتجارة المواد المدرسية والطلاب يستغيثون وحتى المدارس بدون حمامات ولا خدمات والصفوف خالية من المرواح والسبالت تشتغل في غرفة المدير والمعاون والضحية هم التلاميذ . هناك قتال آخر وهو العنف في المنازل ضد الطفولة البريئة وحتى المحاكم العراقية تعج بآلاف الدعاوي الخاصة بالطلاق وهنا ايضا الضحية هم الطفولة حائرين بين الحضانة والتشريدوصعوبة الحياة بشتى المجالات وتحصل حالات الاستغلال والعمل بالشوارع والاتجار بالبشر حين يفترق الابوين ويرمون الاطفال بين الاهل والجيران ولا قانون عادل يحمي الطفولة من الاستغلال والشرطة وكبار المسؤولين يتفرجون عليهم وكأنهم امام شاشات السينما لمشاهدة تلك الأفلام المروعة .
نراهم يبحثون في القمامة يعتاشون على ما تبقى من فضلات الطعام ومنهم منيبحث على اشياء تباع في سوق الخردة لسد رمقهم وشراء الملابس والطعام الفاسد او الوقوف امام ابواب المطاعم الشعبية لغرض الحصول على رغيف الخبز هذا ما يحصل للطفولة اليوم في اغنى بلاد المعمورة ؟! ولا نعلم هل هناك مشاريع استراتيجية وطنية او خطط تنموية لغرض النهوض بالطفل العراقي وانتشاله من واقعه المرير خاصة ان الاعداد تتزايد وهذا ما نشاهده في شوارع بغداد وبقية المدن العراقية. وحتى الينوسيف لم ينصف الطفولة في العراق .