بقلم: قاسم الغراوي

نحو تسعة عقود مرت على انتهاء الانتداب البريطاني على العراق، ذلك اليوم الذي كان نقطة تحول في تاريخ البلاد الحديث على المستوى السياسي والاجتماعي بعد رحلة طويلة من الكفاح والنضال ، انتهت بإعلان مجلس عصبة الأمم في 3 أكتوبر/تشرين الأول 1932، قبول العراق عضوا فيه، لينال بذلك استقلاله ويتحرر من الانتداب البريطاني المفروض عليه منذ عام 1920.

يُعرّف الانتداب بأنه نظام سيطرة وإدارة ابتدع بعد الحرب العالمية الأولى، لإدارة البلدان أو الأقاليم التي انتزعت من الدولة العثمانية وألمانيا. أن الانتداب البريطاني شكّل مرحلة مهمة في تاريخ العراق السياسي الحديث ، وفي تكوينه السياسي والجغرافي ، لتاثير سيطرة بريطانيا على العراق التي مرت في مراحل عدة ؛ بدأت بمرحلة الاحتلال (1914-1918)، ثم مرحلة الحكومة المدنية البريطانية التي انتهت مع الانتداب 1920، واستمرت مع تأسيس الملكية العراقية حتى انتهاء الانتداب البريطاني عام 1932. أن العراقيين الاحرار لم يتقبلوا فكرة الانتداب البريطاني لبلادهم ، واعتبروه احتلالا ، وهناك رفضا عراقيا لصيغة الانتداب تكلل بأكثر من ثورة ، منها ثورة العشرين . ان الخلاف حول كيفية إنهاء الانتداب أشعل الصراع السياسي بين قادة العراق آنذاك، مما دفع الملك فيصل الأول لدعوة رشيد عالي الكيلاني -أحد قادة المعارضة آنذاك- لتشكيل حكومة جديدة، لكن خطوة الملك لم تنجح في تهدئة الخلافات، وجرى تغيير 5 حكومات في عامين.

وشهدت فترة العشرينيات صراعا حادا بين بريطانيا والعراقيين، ولا سيما من قبل المجلس التأسيسي، حول التواجد البريطاني في العراق ودوره السياسي والاقتصادي في البلاد وتعديل بنود الاتفاقية لكن العراقيين اصروا على رفض الانتداب والهيمنة البريطانية على مقدرات الشعب ومصادرة قراره السيادي. كانت هناك نزعة وطنية عراقية متصاعدة للحد من هذا النفوذ مدفوعة بدعم الملك فيصل الأول، حتى وصلت الأوضاع إلى توقيع معاهدة 30 يونيو/حزيران، ثم إلى انتهاء الانتداب البريطاني الذي استمر 12 عاما ودخول العراق في عصبة الأمم عام 1932.

ان استقلال العراق قضية مهمة ومحورية، انتجها نضال سياسي عراقي وشعبي للوصول إلى هذا الهدف، ووجد العراقيون آنذاك أنهم أول من حصل على استقلاله الوطني من شعوب المنطقة. ومع وجود القوات الاجنبية حاليا في العراق انقسمت الكتل السياسية وتخندقت بين رافض لبقاءها ومعترض لرحيلها ، واخيرا نجح تصويت الوطنيين الشرفاء على رفض تواجد القوات الاجنبية في العراق تحت اي ذريعة كانت ووقفت الجماهير في مظاهرات عارمة تندد وترفض تواجد هذه القوات في العراق .

والتاريخ لن ينسى ، وكيف لا وهم احفاد ابطال ثورة العشرين الذين قدموا التضحيات لاجل تحرير العراق من دنس داعش من قواتنا الامنية البطلة والحشد الشعبي الشجاع الذي قاتل الارهاب ، وفصائل المقاومة التي الحقت الخسائر بالقوات الاجنبية واجبرتها على شروطها . وسيسجل التاريخ المواقف الوطنية والتضحيات من اجل عراق مستقل وآمن بعيدآ عن وصاية الدول الاجنبية . الخزي والعار للمتامرين على سيادة البلد واستقلاله والذين رفضوا التصويت ضد تواجد الاحتلال الامريكي وتبآ للمطبعين الذين يلهثون وراء الكيان الصهيوني الغاصب .