بقلم: قاسم سلمان العبودي

كثيرة هي الإزمات التي حاقت بالعراق في فترات زمنية متعددة . فمنذ الحقبة الظلامية لفترة حكم نظام البعث الكافر ، كانت المرجعية ، هي صمام الإمان ، وأن كانت ليست بذات الوسع ، وكانت مقيدة ، بل مخنوقة بسبب مضايقات النظام السابق ، لكن ذلك لم يمنع المرجعية من التصدي لأمور الدين ووحدة المذهب ، والسير به في خطى ثابته من أجل السلامة الدينية والدنيوية .

هذه الثوابت الشرعية تجلت واضحة بعد سقوط نظام البعث ، في أكثر من مرة ، وخصوصاً عندما تنغلق الآفاق ، وتصل الإمور الى مرحلة الإنسداد ، نسمع كلمة المرجعية الفصل في تلك الإنسدادات والتي نعتبرها خارطة طريق واضحة ، مثل كتابة الدستور العراقي ، وفتوى الجهاد الكفائي ، والحث على الإصلاحات السياسية ، وآخرها قبل أيام خطابها الجلي الواضح في عملية الإنتخابات القادمة ، لما لتلك الإنتخابات من ضرورة قصوى ، وكل تلك التوجيهات أنما تنطلق من مدارك شرعية قطعاً فيها رضا الله وهداية الإمة .

اليوم أدلت المرجعية الرشيدة بدلوها في مسألة الإنتخابات المزمع عقدها يوم ١٠ / ١٠ / ٢٠٢١ بحيث أنها قطعت الطريق أمام تخرصات بعض من حاول النكوص أمام الإستحقاق الإنتخابي ، وحث الإمة على العزوف عن المشاركة في الإنتخابات القادمة تحت ذرائع الفساد والمحسوبية ، وهدر المال العام وهذا حقيقة موجود ، لكن لايمكن الإمتناع عن الذهاب الى صندق الإنتخاب تحت هذه الحجج الواهية .

بيان المرجعية كان واضح جداً بضرورة أنتخاب من يؤمن بالثوابت الوطنية ، والتي تعني العنوان الأعم والإشمل لكل ما يمت الى الإنتماء الحقيقي لهذا الشعب وفق المنظور الإسلامي ، الذي لا يمكن أن يجامل أو يداهن على الحقوق الثابته في المنظور الشرعي . لذا نعتقد أن المرجعية عندما قالت بالنص ( يجب أنتخاب من يؤمن بالثوابت الوطنية ) كانت تعني وجوب المشاركة الواسعة في الإنتخابات القادمة ، مشيره بأشارة واضحة أن أهم باب من أبواب الثوابت الوطنية هو خروج المحتل الذي أربك العملية السياسية بأكملها ، وحرم الشعب العراقي من الأستحقاقات .

لذلك نعتقد أن الإحزاب الفعلية المشاركة في العملية الأنتخابية القادمة ، والتي تبنت الثواب الوطنية عبر الضغط على المحتل الإمريكي عسكرياً ، هي حركة حقوق التي كانت لها صولات في الصراع مع الوجود الإمريكي مع باقي فصائل المقاومة الإخرى التي لم تتخلى عن السلاح في مواجهة هذا الإحتلال البغيض . والجدير بالذكر أن غطاء تلك الفصائل السياسي كان متمثلاً بالفتح الذي دعم تلك الفصائل تحت قبة البرلمان في كثير من جلساته وفعلاً تم أستصدار بعض القرارات وبعض القوانين التي كانت بجانب المحور المقاوم للمحتل الإمريكي .

أذن نخلص لنتيجه واضحة أن بيان المرجعية من جهة ، وتبني حركة حقوق وأئتلاف الفتح من جهة أخرى ينصهر في بودقه واحدة وهي أخراج المحتل كثابت وطني ، ومن ثم الشروع بوضع أسس ديمقراطية حديثة لبناء عراق موحد ، لا تهدر به الحقوق ، ولا ينصهر في أجندات خارجية ، تربك الإداء البرلماني والحكومي على حداً سواء . على من يشعر بأنتمائه الوطني ، عليه التمسك بهذه التوصيات المرجعية التي رسمت ، بل أسست للمرحلة القادمة مشروع بناء العراق الذي عانى كثير من وجود المحتل الغاشم . فعلى الجماهير العراقية أن تتحمل مسؤلياتها الشرعية ، والوطنية بأنتخاب هذين الفصيلين الذٌين رفضى التواجد الإجنبي ، ودعمهما أنتخابياً ، كي تصل أصواتنا الداعمة الى تفعيل القرار البرلماني القاضي بخروج قوات الإحتلال الإمريكي ، ومن ثم تشريع القوانين التي تلامس حياة الشعب العراقي ، والذي تم حرمانه من قبل الإحتلال الإمريكي بتعطيل الأتفاقيات الإقتصادية التي أبرمت مع كثير من الشركات الإجنبية ، وخصوصاً أتفاقية الشراكة الصينية العراقية ، الأقتصادية الضحمة ، والتي حرمت الشعب العراقي من أعادة أعماره ، والعوده به الى زمن ما قبل الثورة الصناعية الكبرى ، غير ملتفتة لمتطلبات شعبنا العراقي ، الذي عانى كثيراً من التهميش والإهمال المقصود .

لقد آن أوان التغير بجعل الإنتخابات القادمة نقطة أنطلاق كبرى لبناء وطننا العراقي عبر أختيار من يمثله بصدق.