بقلم | جاسم العذاري
بعد أن أعلن البيت الأبيض عن أول زيارة سيقوم بها الرئيس الأمريكي "جو بايدن" إلى الشرق الأوسط في الفترة من 13 إلى 16 تموز المقبل .
ومن المقرر أن يحضر قمة دول مجلس التعاون الخليجي في جدة، والتي يشارك فيها قادة مصر والأردن والعراق.
وانه خلال زيارته إلى الكيان الصهيوني، سيتجه "بايدن" إلى الضفة الغربية لعقد لقاءات مع القيادة الفلسطينية؛ بهدف تجديد دعم الولايات المتحدة لحل الدولتين كما يزعم البيت الأبيض.
ويعكس ذلك في المقام الأول التزام "بايدن" الشخصي تجاه الكيان؛ لذلك ليس من المتوقع أن تؤدي هذه الزيارة إلى انفراج في القضية الفلسطينية.
وبغض النظر عن الكيان الصهيوني، فإن المحطة الأهم في جولة "بايدن" هي السعودية، حيث يرى بعض المراقبين أنه سيدفع ثمناً داخلياً باهظاً نتيجة قرار زيارة المملكة، خاصة مع لقائه المتوقع مع "محمد بن سلمان"؛ بسبب تورط الأخير في مقتل الصحفي "جمال خاشقجي".
ولكن يبدو أن "بايدن" قرر تبني نهجا مختلفاً بشأن الالتزام بالقيم، ورأى أن المصالح السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة تقتضي تغيير المسار والانحراف عن المألوف والثوابت الدولية .
وربما ما أعلنه الرئيس الأميركي بشكل صريح وبكلام واضح في مؤتمر صحفي قبل يومين أن هدف زيارة السعودية لا علاقة له بالطاقة أو النفط وإنما يتعلق بالأمن القومي لـ"إسرائيل" !
هذا التصريح يستوجب الوقوف عنده والإشارة إليه بكل الوسائل المتاحة حيث فيه نقاط مهمة وحساسة وخطيرة منها يتعلق بالخليج بشكل عام والعراق خصوصاً .
النقطة الأولى : إن السعودية ودول الخليج ستعلن رسمياً عن عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني وبمباركة بايدن , وربما يتم ذلك على شكل مراحل .
لكن بالأساس المرحلة الأولى ستبدأ من هذه القمة في منتصف تموز المقبل .
وهذا الأمر مهدت له الإمارات كثيراً وجرّت فيه دولاً عديدة كونها الراعي الرسمي للتطبيع مع الكيان الصهيوني .
النقطة الثانية : مشاركة ملك الأردن والرئيس المصري في هذه القمة أمر طبيعي كونهما لا يرفضان التطبيع ولديهما مصالحهما المشتركة مع الكيان الصهيوني , وليس بالغريب أو المفاجئ أن يعلنان ذلك على الملأ .
النقطة الثالثة والاهم : هي مشاركة العراق في هذه القمة المتمثلة برئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي , وهنا يكمن الخطر .
ففي حال حضر الكاظمي فإنه سيعرض نفسه للمسائلة والمحاسبة القانونية لا سيما بعد إقرار قانون تجريم التطبيع في البرلمان العراقي في 26 آيار الماضي , إلا إذا:
- أن يكون الكاظمي حصل على تطمينات أميركية وخليجية وتركية ومن جهات سياسية داخلية .
- أن هنالك ثغرة في قانون تجريم التطبيع تسمح للكاظمي بالمضي في المشروع الأميركي الصهيوني .
- أن يعول الكاظمي على الانسداد السياسي أو الانفلات الأمني المرتقب في تموز المقبل "حسب بعض التسريبات في الشارع العراقي" .
- أن يكون مهيأ عسكرياً وأمنياً وقانونياً لحمايته من تبعات تلك الخطوة الانتحارية .
الخلاصة : إذا أقدم الكاظمي على تلك الخطوة فإنها ستكون "القشة التي ستكسر ظهره" , في ظل وجود شخصيات دينية ووطنية وشعبية ترفض التطبيع مع الكيان الغاصب رفضاً قاطعاً , ولن يجد الكاظمي أي سبيل للخلاص من الحفرة التي سيقع فيها سوى أن ينهمر عليه التراب والعذاب من كل حدب وصوب , ولات حين مندم.