الاتجاه - مقالات 

بقلم : محمد الياسري 

تعتبر الثورة الاسلامية في ايران من ابرز الثورات العالمية في القرن العشرين .. واستمراريتها بفاعلية حركية جاءت لعدة اسباب: 

اولا: ان الثورة الاسلامية اعتمدت على اساس ديني خالص يرتكز على الاسلام الاصولي المعتدل القائم وفق رؤية حاكمية الفقيه الجامع للشرائط وبمحورية الاسلام في الحركة السياسية بعيدا عن افراط السلفية وتفريط المستغربين ، فجاءت ثورة الامام الخميني (قدس) لاحياء شريعة الاسلام وتأسيس لدولة اسلامية وفق مباني الفقهاء المستمدة من الائمة المعصومين عليهم السلام وانها تمثل امتدادا لدولة الامام الحسن والامام علي بن ابي طالب عليهم السلام ، والدولة الاسلامية تشكل وفق آليات معاصرة ومصداق لشمولية الاسلام وامكانية تطبيق احكامه في كل العصور بعد انقسام المفكرين شرقا وغربا.

ثانيا: التفاعل الشعبي والانصهار المجتمعي ، فتعتبر الثورة الاسلامية من اكثر الثورات ذات التفاعل الشعبي اذ انها تعتمد بشكل كلي على حراك الشعب واندفاعه واستبساله في الدفاع عن نهضته سواء في سنوات انطلاقها الاولى وحمايتها بعد تحقيق الانتصار وازالة اثار الطاغوت كما في سنوات الدفاع المقدس وهذا يعتبر مؤشر مهم على فاعلية وديمومة الثورة بشكل يختلف تماما عن الثورتين الفرنسية والروسية اللتين شهدتا انقساما حادا منذ السنوات الاولى .

ثالثا: ان الثورة الاسلامية قد ركزت بشكل اساسي على المجتمع واخلاقياته فكانت كما يصفها اية الله العظمي الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي بانها تحول سياسي اجتماعي من نوع خاص ، فتعتبر الثورة الاسلامية ثورة اجتماعية لانها جاءت على اساس بناء الفرد والمجتمع وايمانهم ، كما تعتبر الثورة الوحيدة التي تهتم كثيرا لاخلاقيات الفرد والمجتمع 

رابعا: تصدير الثورة ، يعتبر منهج تصدير الثورة من اهم الرؤى التي دعا لها الامام الخميني (قدس) بعد الانتصار الكبير ، والبعض يتحفظ على هذا الامر ولكن في الحقيقة ان الليبرالية الغربية والشيوعية الشرقية قد تصدرت الى العالم الاسلامي عبر المال واستخدام القوة تحت يافطة نشر الديمقراطية او العمالية الاشتراكية فيما مبدأ تصدير الثورة الاسلامية ينطلق من خلال التصدير الثقافي للثورة فكانت كلمات وخطب ورؤى الامام الراحل الخميني والشهيد الشيخ مطهري والشهيد السيد بهشتي والشهيد الدكتور محمد مفتح لها الاثر البالغ في تنوير الشعوب الاسلامية وبيان منهجية الثورة ودور المجتمع في النهضة ودور الشعوب في مواجهة الاستكبار العالمي والصحوة الاسلامية والوحدة الاسلامية كلها مفاهيم التقطتها الشعوب الحرة من الثورة الاسلامية والتصدير الثقافي للثورة .

خامسا: التقدم العلمي ، وهذا مبدأ ركزت عليه قيادة الثورة الاسلامية منذ الايام الاولى لانتصار الثورة وحتى في سنوات الدفاع المقدس بالحرب المفروضة فيما مثل عقد التسعينات عصر انطلاق الجهاد الاقتصادي والجهاد الزراعي والذين يعتبران استراتيجية حكومة الشيخ الراحل هاشمي رفسنجاني اما ذروة وفاعلية الحراك الثقافي فكانت في عهد الرئيس محمد خاتمي ونجحت ايران في قلب معادلة الغرب (صراع الحضارات) الى "حوار الحضارات" وتبنتها الامم المتحدة بشكل رسمي ، فيما كانت ذروة التقدم العلمي بالملف النووي في عهد الرئيس محمود احمدي نجاد وقد كللتها طهران بنجاح والدخول لنادي الدول النووية في عهد الرئيس حسن روحاني تحت استراتيجية "المرونة البطولية" وعقد اكبر اتفاق نووي مع الغرب الذي انسحبت منه اميركا وتنصلت اوروبا عن التزاماتها لتكشف الثورة الاسلامية عن خداع الغرب مجددا بشكل واضح وعمليا عن هدف الغرب وعجزه في المواجهة لتذهب طهران بعدها الى اهم خطواتها برؤية تمتين العلاقة مع دول الجوار والاندفاع الكامل في المجال الصناعي وهذه تعتبر استراتيجية الرئيس السيد ابراهيم رئيسي في حكومته. 

فالثورة الاسلامية وفق الاسس الخمسة قد شكلت نظاما اسلاميا ودولة اسلامية وفق الشريعة الاسلامية وباسلوب عصري حديث وبتفاعل شعبي كبير وبقدرات عالية لبناء المجتمع الاسلامي الذي تشكلت نواته الاولى من الحراك الاجتماعي للثورة الاسلامية بهدف تحقيق الامة الاسلامية.