الاتجاه - مقالات
بقلم: قاسم آل ماضي
وصل سلطان عمان هيثم بن طارق، الأحد، إلى إيران على رأس وفد رفيع، في أول زيارة منذ توليه الحكم عام 2020، وذلك تلبية لدعوة رسمية من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
واستقبل النائب الأول للرئيس الإيراني محمد مخبر بعد ظهر الأحد سلطان عمان في مطار مهرآباد في طهران. وتأتي زيارته بعد زهاء عام من زيارة قام بها الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الى مسقط، تخللها توقيع اتفاقات تعاون.
وأكّد وزير خارجية السلطنة بدر بن حمد البوسعيدي في تصريحات صحفية أن “هذه الزيارة التاريخية ستنعكس إيجابًا على استقرار المنطقة وأمنها”. مضيفا أن توقيت هذه الزيارة يأتي “في خضم مرحلة جديدة وإيجابية للعلاقات الإقليمية، ما يدعو دول المنطقة إلى دعمها والتشاور والتعاون لحلّ العديد من الملفات والقضايا الحالية”.
وترتبط إيران بعلاقات سياسية واقتصادية وثيقة مع سلطنة عمان التي أبقت تمثيلها الدبلوماسي في طهران على حاله مطلع العام 2016، على رغم قيام دول في مجلس التعاون بقطع علاقاتها مع إيران بعد الأزمة بين الرياض وطهران.
وسبق لسلطنة عمان أن قامت بوساطة بين طهران وواشنطن في الفترة التي سبقت إبرام الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني لعام 2015 بين طهران وست قوى دولية كبيرة.
كما تأتي زيارة بن طارق لطهران بعد أسابيع من إبرام السعودية وإيران اتفاقا برعاية الصين في آذار/ مارس، لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما. وعززت طهران مؤخرا تواصلها مع عواصم خليجية شهدت العلاقة معها فتورا في الأعوام الماضية مثل أبوظبي والكويت.
ونظرا لخصوصية العلاقة الوثيقة بين طهران ومسقط واضطلاع الأخيرة بأدوار وساطة في ملفات إقليمية عديدة، رجح مراقبون أن السلطنة منخرطة في مساعٍ لتقريب وجهات النظر بين مصر وإيران، في ظل تقارير عن تواصل بين طهران والقاهرة قد يفضي لرفع التمثيل الدبلوماسي بينهما الى مستوى سفير. وكان السلطان هيثم زار مصر الأسبوع الماضي حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي.
كذلك أدت مسقط أدوارا في تبادل سجناء بين الجمهورية الإسلامية ودول غربية.
وبعد جولات مكوكية قامت بها وفود سياسية وعسكرية وتجارية رفيعة المستوى وتبادُل رسائل خطية بين قادة طهران ومسقط، بدأ سلطان عُمان هيثم بن طارق، اليوم الأحد، زيارة رسمية إلى إيران تستمر ليومين، وفي جعبته ملفات ثنائية وإقليمية ودولية.
ويقول وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان إن الزيارة “تشكل منعطفا في علاقات البلدين على شتى الصُعد”. في حين كشف السفير الإيراني لدى مسقط علي نجفي خوشرودي عن وساطة عمانية بين طهران والمنامة.
ويعتقد مراقبون في إيران أنه إلى جانب العلاقات الثنائية الوطيدة بين طهران ومسقط، فإن إطلالة البلدين على مضيق هرمز الإستراتيجي تجعلهما معنيين بأمن مياه الخليج الفارسي، كما أن دور الوساطة الذي تقوم به السلطنة بين ايران من جهة والولايات المتحدة والدول الأوروبية من جهة أخری، يزيد من أهمية الزيارة التي قد تكون محاولة اخرى لإحياء الاتفاق النووي.
وترى اوساط مطلعة أن السلطان هيثم بن طارق سيبحث خلال الزيارة “ثالوث الملفات الثنائية والإقليمية والدولية”؛ موضحة أنه فضلا عن توقيع الاتفاقيات الثنائية بين طهران ومسقط، من شأن الزيارة الجارية أن تحرك المياه الراكدة في العلاقات المتوترة بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة؛ إذ سبق وأعلن الجانب الأميركي أنه يرغب في حل الخلافات مع طهران عبر الدبلوماسية، لكن يجب على واشنطن اتخاذ خطوات عملية وحقيقية في سبيل خفض التوتر وإنهاء السياسة العدائية المتواصلة منذ أكثر من 40 عاما، ورفع جزء من اجراءات الحظر التي فرضتها الإدارة الاميركية من أجل تحفيز إحياء الاتفاق النووي، كما أن تأجيل موعد زيارة سلطان عمان إلى طهران عدة مرات، يؤكد أن توقيت الزيارة يدل على تحريك المياه الراكدة في البرنامج النووي.
كذلك يرى الخبراء أن زيارة سلطان عمان إلى طهران تأتي في سياق الانفراجة على مستوى العلاقات الإيرانية الخليجية، فإلى جانب الوساطة العمانية بشأن البرنامج النووي سيكون الملف اليمني في صلب محادثات السلطان هيثم مع الجانب الإيراني.
والايام القادمة كفيلة بكشف نتائج هذه الزيارة واهميتها.