عاش مجتمعنا العراقي بظروف قاسية اثرت على ثقافته وحياته العامة طيلة تلك العقود الغابرة مما تسبب بغرس سلوكيات منحرفة وترسيخ طبائع واعمال تسابق عليها البعض لبلورة ممارسات ذميمة وسلوكيات حياتية حتى اصبح (النفاق والكذب والتعصب …) جزءا من موروثات تلك الحقبة .. ولو عدنا بالذاكرة وما تحملها من مأساة ستجد امامك اشخاصا كانوا ينتهزون الفرص ليفترس الواحد منهم أخاه بالمواطنة لإشباع غريزة ورضا المسؤول والمفترض ان هذا السلوك اليوم يتعارض مع ما تنشده المرحلة الحالية مما يتطلب مغادرته كون ذلك هو التضاد مع (ثقافة التسامح ) هذه الثقافة التي يتطلب ان تدخل ضمن مفاهيمنا الحديثة والتي تعزز المرونة وتقبل احترام الرأي الآخر وجعل الروح الانسانية السامية تسمو في عقولنا وتصرفاتنا والانفتاح مع الآخرين واحترام عقائدهم ومعتقداتهم وآرائهم لكي تسود العلاقات الطيبة الحميمة بالمجتمع ويقيناً بان ذلك سيوصل الى قواسم مشتركة بالحوار الذي من شأنه أن يحقق احترام المواطنة سيما وان الثقافة الاسلامية ترشدنا بالمجادلة والنقاش الحسن والاقناع المرن (وجادلهم بالتي هي احسن ) ومن الموجع ان تتغلب تصرفات البعض الخاطئة المحملة بالأحقاد والكراهية وهذا بحد ذاته تقطيع للحمة المجتمع .. ولو نظرنا للعديد من دول العالم وتصفحنا تاريخها، سنجد ان الحروب والانشقاقات والدمار قد فعل فعلته بها جراء أفكار العنف والفاشية والنازية وغير ذلك وخلف فجوات وتباعدا واحقادا بين تلك المجتمعات ولكن سرعان ما سادت روح التسامح والاعتذار والتعاون بين هذه الاطراف المتصارعة وتحقق ذلك ببناء دول ومجتمعات حضارية متقدمة جمعتهم مسميات اتحادية كثيرة وانموذج الاتحاد الاوروبي اليوم الذي يضم دولا اوروبية عديدة تتعاون في شتى المجالات بعد مغادرة خلافات الماضي والتوجه بالبناء الصحيح واقامة علاقات اطارها الثقة والسلام والتعاون وهذا ما طوى صفحات ولت مما يتطلب منا كأفراد لبناء مجتمع ودولة ترتقي بخطوات ديمقراطية لتحقق الاهداف النبيلة بعد التغلب على ما خلفه الماضي من آثار سلبية وتفعيل الشعارات التي تنادي بالود والمحبة ونكران الذات والتقارب بين ابناء البلد الواحد وتنضيج مفهوم احترام الآخر وكذلك حث المجتمع بالعمل على تأسيس المسارات الصحيحة من خلال مؤسسات مدنية تؤمن بالديمقراطية سيما ان الانتخابات هي جزء من تقبل الآخر وبروح ديمقراطية تتوج المنحى الوطني لنتمكن من بناء المجتمع والوطن وبالشكل الذي يعزز من مكانة ومستقبل البلاد .