التعبير عن المطالب في بلادنا كان على الدوام، محل اهتمامٍ سواء من حيث الشعارات أو المشاركين، إذ بات هذا الميدان يحمل سماتٍ وطرقاً وأساليب باتت تشكل عامل خبرة لكل من يسعى لحقوقه.
يتعين على الدولة أن تتفهم حاجة المواطنين ومطالبهم ، ونظرتهم لحقوقهم وأدوات التعبير عنها مهما اختلفنا في ذلك، فالعراقيون لم يعهدوا من دولتهم أن تقف لجانبهم وتخفف من وطأة معاناتهم، على مر الحكومات المتعاقبة، بل ربما على مر التاريخ، إذ لم يشهد العراق دولة عادلة إلا في دولة علي ابن ابي طالب عليه السلام قبل أربعة عشر قرنا ونيف.
وكان السائد هو عدم وضع أولوية القانون وقبولها التعبير عن المطالب، فالديمقراطية الرهنة والتي جاءت على مناكب المحتل الأمريكي شهدت ظاهرة جديدة، تتمثل بقيام بعض الفئات المجتمعية المدفوعة من قبل المحتل ذاته، بابتزاز الدولة عبر مظاهر طارئة لم نعهدها، وبتوليفة غريبة عن أشكال التعبير السياسي الفوضوية.
وهذه الظاهرة، التي لا توصل إلى صيغ التفاهم أو لمراد نيل الحقوق، يجب التنبه لها على المستوى الرسمي، وشعبياً يجب تعزيز المواطنين بمفاهيم التعبير عن الذات والمطالبة بالحقوق، مع احترام الدولة بمفهومها الواسع ونظمها السياسية والإدارية والاقتصادية في المجتمع الذي ننتمي له جميعاً.
ويجب الإشارة إلى أن المرجعيات التي تساعد على تحقيق المكاسب ونيل الحقوق ليست قاصرة، وهي متوفرة على صعيد الدولة بدءاً من الدستور ومروراً بالقوانين والتي بلغ عدد صفحاتها منذ تأسيس الدولة العراقية حوالي نصف مليون ورقة من أوراق جريدة الوقائع الرسمية، أي منذ عام 1921 ولغاية الآن.
ولا يمكن القبول بأن تحاول فئة بالتنمر على الدولة، بذريعة نيل الحقوق، مع إدراكنا لوجود قصور لدى بعض المسؤولين وفسادٍ وضياع أحياناً للعدالة.
فهذا الوطن، مر بمحنٍ قاسية، سواء اقتصادياً أو سياسياً، ونجح في تجاوز عثرات أكبر، وندرك اليوم وجاهة الكثير من المطالب، ولكن يجب إدراك الطرق والقنوات والأدوات والطرق السلمية في التعبير عن الحقوق.
والعراقيون، دوماً عبروا عن ذواتهم بطرق حضارية، ونجحت كثير من شعارات الشارع في التحقق، ولكن علينا ملاحظة أن صيغ الحوار والإقناع هي التي غلبت، لا صيغ التنمر والاستقواء.
"حركة حقوق" تؤمن بأن السبيل لبناء مستقبل العراق، يمر عبر الطرق الدستورية القانونية ولا سبيل غير ذلك قطعا!