بقلم: حيدر كاظم الأسدي
 
مع أنه وبعد التغيير النيساني الكبير في عام 2003 حصل تغير مجتمعي كبير، إلا أنه وعلى صعيد القوى المهيمنة لم يحصل تغير موازٍ للتغير المجتمعي خلال  السنوات العشر التي تلت الاطاحة برأس النظام الطاغي!! 
القوى المهيمنة على قطاعات واسعة من وطننا تصورت أن التغيير كان يستهدف فقط رأس النظام، ولذلك توقعت أن الأمور ستقف عند هذا الحد فقط، غير أنها اكتشفت أن شعبنا يريد تغيير المنظومة بأكملها، فقد سأم من الخضوع الى الاستبداد وأدواته، ولذلك رتبت هذه القوى بيتها مجددا، وأعادت إنتاج نفسها ونظمت صفوفها ريثما تجد سانحة تعلن فيها رفضها لعملية التغيير المجتمعي.
صحيح أن منها قوى تقول أنها مع تغيير النظام الصدامي، ولكنها أعجز من ان تدين ذلك النظام، وعجزها ليس خوفا من نتائج الإدانة لكنه عجز ذاتي، بمعنى أنها تجد نفسها ترتكب خطأ إذا أدانت النظام الصدامي، لأنها بالحقيقة جزء من منظومته، وهي احتياطيه الذي كان يسميه بالاحتياطي المضموم.
الأزمة السياسية الراهنة أعمق من أن توصف بأزمة، وهي مؤامرة متكاملة الأبعاد، وهي ليست فقط حمى تجاذبات تعرقل العملية السياسية عبر آليات وادوات باتت مكشوفة الأغراض والأهداف، لكن يتعين التنبه الى أن أهداف تلك التجاذبات تنصب على الوصول الى هدفين، الأول هو الحصول على أكبر قدر ممكن من كعكة السلطة لإشباع الذات والحزب والفئة، وهذا بالطبع يؤدي الى تراجع كبير في المسيرة الديمقراطية، الأمر الذي سيضع البلاد امام ازمة كبيرة تفتح باب الفتنة وتساهم بعودة الدكتاتورية البعثية وتعزز التدخلات الاقليمية، والثاني تشكيل سلطة موازية لسلطة الحكومة بأهداف ورؤى وخطط مختلفة تماما عن هدف بناء دولة مؤسسات حقيقية، وتغذي هذا المنهج القوى التي تعمل على بعثها الطائفية المتعصبة العمياء موظفة إمكانات كبيرة معظمها وارد من الخارج علنا للوصول الى هذا الهدف الخبيث، ولا تتورع في سبيل تحقيق أهدافها من تدمير كل شيء وكل منجزات العراقيين السياسية.
وبسببهم نحن اليوم نجلس في قطار واقف في محله، لأن قضبان السكة متهرئة ومتآكلة، والضرورة تقتضي تبديل كل القضبان الحديدية المتآكلة ووضع نظام سيطرة شامل على مفاصل تحويلاتها، وهذا ما تطرحه حركة حقوق بكل شفافية ووضوح.
 إن مستقبل العراق لن يبنى إلا بأن تركن على الرف الاعتبارات الشخصية والفئوية والحزبية في هذه المرحلة على الأقل، ومسألة الشراكة السياسية باتت حكاية قديمة، فلا شراكة حقيقية بين متخاصمين يبحث كل منهم عن زلات وهنات الآخر يتصيدها ويطبل لها، وستتحول الحكومة والبرلمان الى قن ديكة ينهش أحدها الآخر مثلما رأينا حينما تطور العمل البرلماني الى تشابك بالأيدي وربما بالأرجل..!