الاتجاه - مقالات 

بقلم .. أياد السماوي 

ما هو الدستور ومن هي الجهة التي تلزم كافة السلطات الاتحادية والإقليمية بالالتزام التام بأحكام هذا الدستور ؟ وماذا يعني عدم التزام السلطات الاتحادية وغير الاتحادية بأحكام الدستور ؟ لا شّك أن هذا الموضوع يشغل الآن الرأي العام العراقي ورجال القانون في كافة انحاء الوطن خصوصا بعد فشل مجلس النواب بانتخاب رئيس الجمهورية .. فقهاء الدستور عرّفوا الدستور بأنّه القانون الأسمى والأعلى الذى ينّظم ويرسي القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ، وهو الذي يحدّد اختصاصات وصلاحيات السلطات كافة , ويرسم لها وظائفها وصلاحياتها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها .. وهذا يعني أنّه لا بدّ من وجود قضاء دستورى ، يحفظ علو الدستور وسموّه ، ويلزم كل سلطة حدودها الدستورية التى حدّدها الدستور لها .. وعلى أساس هذا المبدأ في حفظ علويّة الدستور وسموّه , جعل الدستور العراقي في ( المادة / 94 ) قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتّة وملزمة للسلطات كافة , وفي الوقت ذاته رسم الدستور العراقي في ( المادة / 93 ) اختصاصات وصلاحيات المحكمة الاتحادية العليا المتمّثلة بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة , وتفسير نصوص الدستور , والمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب , والفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية ، والقرارات والأنظمة والتعليمات , وكذلك الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الجكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات والإدارات المحلية , وغيرها من الاختصاصات الأخرى التي نصّت عليها ( المادة / 93 ) ..

والمحاكم الدستورية في جميع أنحاء العالم هي سلطة عليا فوق السلطات تستّمد سلطتها وشرعيتها من خلال الدستور نفسه , وفي العراق استمدّت المحكمة الاتحادية العليا سلطاتها من خلال دستور جمهورية العراق لسنة 2005 .. وهي الجهة الوحيدة القادرة بموجب الدستور على إلزام كافة السلطات الاتحادية وغير الاتحادية بالالتزام التام بأحكام الدستور , وقرارات هذا المحكمة تحمل نفس علويّة الدستور .. وعندما تخرق أيّ سلطة من هذه السلطات أحكام الدستور , فإنّها في هذه الحالة تكون قد فقدت شرعيتها التي اكتسبتها من خلال الدستور .. فالأساس في شرعية أيّ سلطة من السلطات هو التزامها التام بأحكام الدستور .. وقرار المحكمة الاتحادية العليا المرّقم (  23 وموحدتها 25 / اتحادية / 2022 ) , قد اشار بوضوح لا لبس فيه إلى هذه القضية الهامة عندما نصّ على ( وأنّ كلّ ذلك يفترض الالتزام التام بأحكام الدستور باعتبار أنّ الدستور هو الذي يعطي الشرعية لمؤسسات الدولة الاتحادية والإقليمية وبخلافه تفتقد تلك المؤسسات شرعيتها ) وهذا القرار لا يختلف عن الدستور من حيث العلويّة .. فأي مؤسسة أو سلطة اتحادية كانت أو إقليمية أو محليّة تخرق الدستور ولا تلتزم بأحكامه أو ترفض الانصياع لقرارات المحكمة الاتحادية , تكون بهذه الحالة قد فقدت شرعيتها .. فعدم انصياع حكومة إقليم كردستان ورفضها لقرار المحكمة الاتحادية المتعلّق بعد شرعية قانون النفط والغاز للإقليم رقم 22 لسنة 2007 , جعل من حكومة الإقليم حكومة غير شرعية وخارجة على القانون والدستور , ونفس الشيء ينطبق على على مجلس النواب العراقي في حالة خرقه للدستور وعدم التزامه بأحكامه , فيما يخصّ انتخاب رئيس الجمهورية .. فأساس شرعية أيّ سلطة أو مؤسسة يتقرّر من خلال التزامها التام بأحكام الدستور .. هكذا هي علويّة قرارات المحكمة الاتحادية العليا ..