الاتجاه - متابعة 

اذا ما تفحصنا في التاريخ الغربي والاميركي الغابر منها والحاضر فمسلسل الجرائم والمجازر والحروب التي اشعلوها لا تعد ولا تحصى سواء كان في مناطقهم الجغرافية أو خارج قاراتهم وهذا ليس اتهاما بل كشوفات بالارقام والوثائق فوقوع عشرات الملايين من الضحايا في الحربين العالميتين الاولى والثانية التي دارت في قارتهم والتي تدلل على مدى اجرامهم وفضائح انتهاكاتهم الوحشية والفظيعة لحقوق الانسان لكن ما كانت مروعة للغاية هو ما كشف مؤخرا في كندا عن مقبرتين جماعيتين وفي اقل من شهر واحد حيض تضم الاولى 215 جسدا من اطفال السكان الاصلين الذين كانوا يتلقون التعليم في المدارس الكاثوليكية والثانية 970 جسدا وهاتين الجريمتين المروعتين تعودان للقرنين الـ 19 والـ 20.

لكن ما يدمي القلب ويحز في النفس ان هذا الغرب المتوحش ومعه الاميركيتين الاكثر وحشية وترويعاً والفاقد للمدنية والحضارة وهذا ليس اغراقا فحتى قبل الحروب الصليبية واثناءها لم يعرف الغربيون الحمامات ولم يعرفوا شيئا عن الطب فجرحاهم كان مصيرهم الموت لعدم امتلاكهم للاطباء فما كان منهم ان استنجدوا بل مسلمين ليزودوهم ببعض الاطباء بمعالجة جرحاهم.

وبدل أن يستحي هذا الغرب عن ماضيه المتخلف والسحيق والاجرامي ليعوض ما افتعله اجداده من جرائم ومجازر وانتهاكات بحق سكان البلاد الاصليين والشعوب الاخرى، نراه اليوم ينعق ليل نهار بأسم الدفاع عن الحرية وحقوق الانسان وكأنه في صف الملائكة وصفحته بيضاء من أية شائبة بل اكثر من ذلك يتطاول وبكل صلافة على الاخرين يعربد ويهدد بأسم الدفاع عن حقوق الانسان طبعا في الدول المستقلة التي يختلف معها اما في الدول السائرة في ركابه وحتى وان كانت استبدادية بامتياز فأنه يغض النظر عنها تماما.

وبعد كشف هاتين الجريمتين المروعتين اللتين تعتبران كارثة بحق الانسانية والبشرية يتملص رئيس الوزراء الكندي الحالي عن المسؤولية وكأن القضية لا تتعلق ببلاده ولن تقع على اراضيه في وقت نراه متلهفا لملاحقة اي قضية ترتبط بحقوق الانسان خاصة اذا كانت سياسية من النوع الذي ذكرناه لكنه يخرس اليوم وفي عملية هروب الى الأمام ليلقي الكرة في الملعب الكنسي ويطلب من البابا المجيء الى كندا والتنديد بالجريمتين ومن على الاراضي الكندية .

والجدير ذكره ان نظام المدارس التعليمية في كندا قد أسس منذ القرن التاسع عشر في هذا البلد حيث كانت هذه المدارس الكاثوليكية تدار من قبل الحكومة الفدرالية.

وللعلم ان السلطات الكندية الحاكمة في القرن 19 وبناء لسياستها الاستعمارية في الفصل العنصري الذي كان يهدف لابادة السكان الاصليين تدريجيا قامت بفصل 150 الف طفلا عند ذويهم وعوائلهم وارسالهم الى المدارس الكاثوليكية بهدف دمجهم بالمجتمع الكندي وتعليمهم اللغة الانكليزية بغية القضاء على لغتهم الام. لكن سرعان ما انتهجت ضدهم سياسة الابادة الجمعية عن طريق العنف والتعذيب والجنس.

ولا ينكر ان هناك بعض اوجه الشبه في تأسيس الدولتين الاميركية والكندية مع الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين. فالكيان الصهيوني ذهب بعيدا بسياسته الابادية بقتل وتشريد الشعب الفلسطيني وتهجيره والاستيلاء على اراضيه، اما في كندا واميركا فاختلف المشروع قليلا حيث لم يخرجوا السكان الاصليين كما فعلوا في فلسطين بل ان كل ما فعلوه هو تذويب السكان الاصليين داخل المجتمعين الاميركي والكندي عبر اسلوب الابادة والتهجين والثقافة وهذا ما يشكك بمشروعيتهما.

 لكن ما كشف اليوم وزاد من فضيحة هذه الدول الاستعمارية والمنتهكة الاولى في مجال حقوق الانسان  هو  العثور على المقابر الجماعية وما تلاها من ردود فعل للهجوم على الكنائس الكاثوليكية الكندية طرح مسؤول اللجنة الدولية لحماية السكان الاصليين في رسالة وجهها الى رئيس بايدن تساؤلا فيما اذا تزامنت وقوع مثل هذه الإبادات الجماعية داخل الاراضي الاميركية ايضا وقد يكون ذهب ضحيتها الآلاف من اطفال السكان الاصليين .. فالايام القادمة كفيلة بالكشف عن مثل هذه الجرائم المهولة التي يندى لها جبين الانسانية وهي غير مستبعدة عن الخصوصية الهمجية الاميركية.

المصدر: كيهان

MY